أيّام اللّولو / يوسف غيشان

أيّام اللّولو
… واستقلّت إحدى دول العالم الثالث ، وتحرّرت من ( دبق ) الاستعمار، وأعلنت استقلالها على الملأ ، وصار لها علم ونشيد وطنيّ ، و ممثلون في هيئة الأمم المتحدة ، وسفراء وقناصل في الكثير من دول العالم .
طبعاً أعلنت الأفراح والليالي الملاح ، وطافت المظاهرات الاحتفالية جميع المدن والبوادي والقرى والأرياف ، كما رفعت الأعلام في كل مكان وصارت ترفرف فوق ضجيج الشعارات الهادرة ، فيما تمّ تأليف الأغاني الوطنية على عجل ، وبثها
فورا فًي الراديوهات والساحات العامة .
رويدا رويدا ..عاد الناس إلى بيوتهم متعبين – لكن فرحين- ليهتموا بأمورهم بعد أن حققوا استقلال البلد التي تمّ تسليمها لحكومة وطنية منتخبة ومستقلة لتحقق نضالات الجماهير وتبني الدولة الحرة المستقلة الخارجة للتوّ من تحت نير المستعمر .
رويدا رويدا بدأت المشاكل تتراكم ، وبدأت الخلافات تدبّ في صفوف الأحزاب التي حققت الاستقلال ، وبدأ الصراع على المناصب .. كثر الفساد والإفساد وشراء الذمم ، فتردّت أوضاع الناس.
– الكهرباء التي كانت تصل إلى معظم الأمكنة انحسرت في بيوت الثوار والمسئولين !!
– الماء لم يعد يصل إلاّ نادرا ولم يعد نقيّا !!
– الطرقات اهترأت تحت ضجيج سيارات العسكر ، فكثرت الحفر والمطبات!!
– انعدم الأمن ، ولم يعد الإنسان يأمن على روحه!!
– المستشفيات تحوّلت إلى مكاره صحية!!
– كثر القتل على الهويّة .. وتحويل الناس إلى السجون حتى امتلأت عن بكرة أبيها وأمّهاوخالتها!!
– كثر الجوع والفقر والمرض !!
– ارتفعت الأسعار إلى مستويات خيالية .
رجل عجوز عانى في ظلّ الدولة المستقلة من الجوع والفقر والمرض ، نظر في وجوه من في المضافة فوجدهم جميعاً أكثر منه جوعاً وفقراً ومعاناة فسألهم :
يا جماعة الخير هوه إمطوّل هالاستقلال عندنا ..
– ما بده إيحلّ عنا ؟!!
الحكمة من الموضوع: يلعن أبو هيك حكومات بتخلّي الناس تشتاق لأيّام الاستعمار.
من كتابي (لماذا تركت الحمار وحيدا)الصادر عام 2008

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. سقا الله ايام الاستعمار وسقاالله ايام الفقر زمان صرنا نحن لتلك الايام..عمره الاستعمار ما سرقنا..كانت الحكومات ارحم بكثير ولا تجرؤ.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى