أنـجــلـيــنـا جــولي في الجــنّـة أم في الـنـار؟ / د . ناصر نايف البزور

أنـجــلـيــنـا جــولي في الجــنّـة أم في الـنـار؟

مِنْ الأمثال الإنجليزية و الأوروبية الشائعة قولهم: “قتَلَ الفضول هِرَّة” بأحدِ صيغتيه الإنجليزية المتداولة “Curiosity killed a cat”!

و “على طاري البساس و القُطَط” وبما أنَّ الشيء بالشيء يُذكر، ففي الحديث النبوي الشريف الصحيح في البخاري ومسلم و كُتب الصحاح و الذي يرويه أبو هُريرة –رضي الله عنه- و الذي إنَّما كُنِّيَ بذلك لِهِرَّة تعاهدها بالرعاية الدائمة، قال الصادق الامين بأبي أنتَ و اُمِّي يا رسول الله: “دخلَتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها، فلم تَطعَمْها، ولم تَدَعْها تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ” بنَصِّ لفظ رواية البخاري!

وقد اختلف أهل العلم فيما كانت المرأة تلك مسلمةً (مِن أهل التوحيد) أو كافرة؛ و رجَّحَ الإمام النووي رحمه الله أنّها كانت مسلمة؛ و هذا صريح لفظ الحديث “في هِرَّةٍ” من منطق سببية حرف الجر، و هو التفسير الذي أميل إليه شخصياً إعمالاً للعقل في النقل! فكان حبسها للهرَّة و تجويعها لها حتَّى الموت سَبَباً في دخولها النار؛ و لو كانت كافرةً أصلاً كما وَرَدَ رأياً عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها لكفى كُفرها أن يكون سبباً لدخولها النار لأصبحَ الحديثُ أضعف في بلاغته “فليس بعد الكُفر ذنب”!

مقالات ذات صلة

و في المقابل يروي أبو هُرَيرة أيضاً في الحديث الصحيح كما جاء في صحيح مسلم و غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّهُ قال: “بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِه”! و الشروح و التفاسير تطول حول هذا الحديث و لا مجال للخوض في جدليتها!

و للدخول في صُلب الموضوع، فقد سألني ذات مَرّة أحدُ الأصدقاء من باب الفضول الذي “قتلَ هِرَّة” ذات مَرَّة و كادَ أنْ يقتله هو أيضاً هذه المَرَّة، فقال: “هل تعتقد يا دكتور أنَّ أنجلينا جولي ستدخُل الجنّة أم النار؟”!!! فضحكتُ و قُلتُ لهُ: لا يُمكن لأحَدٍ أنْ يَتالّى على الله فيُقَرِّر مَن يدخل الجنَّة و مَن لا يدخلها! أوَّلاً، من باب الأدب مع الله؛ و ثانياً، لصريح نصِّ الحديث النبوي: ” قَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أنْ لا أَغْفِرَ لِفُلانٍ ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ”!

لا يختلف اثنان حول الدور الإنساني الرائع الذي تلعبه أنجلينا جولي في مساعدة الفقراء و المنكوبين و اللاجئين من المسلمين و غير المسلمين حول دول العالم البائسة؛ فقد قدّمت لهم الدعم المعنوي و المادي من جيبها الخاص و الذي تجاوز ما قدَّمه جميع نجوم العرب و المسلمين؛ فهي لم تسقِ كلباً كتلك البغي من بني إسرائيل بل سقَت وأطعمَت و أغاثت وَ واست ملايين الملهوفين من النساء و الأطفال الذين جَوَّعَتهُم الكلابُ المسعورة من أباطرة العرب و المسلمين!

فلا يَعلَمُ أحَدٌ مكنون قلب أنجلينا الكبير الطيِّب و سرائر نواياها فيمَ تفعل و لمَ تفعل، لذلك لا نملكُ سوى إبداء إعجابنا الشديد بعظيم فِعالها و نرجو أن تُجزى به خير الجزاء في الدنيا و الآخرة! و اردَفتُ جازماً: مفاتيح السماء ليست بيدي و لا بيدِ أي مخلوق، و لكنَّ أنجلينا حازت على مفاتيح قلوب مئات الملايين حول المعمورة المقهورة؛ و لو نزلَتء لأيِّ انتخابات رئاسية في بلاد العربان لفازت بالأغلبية المطلقة يقيناً!!!

و بدلاً من الجدل العبثي و الاختلاف حول إذا ما كانت أنجلينا مِن اصحاب السعير او أصحاب النعيم، فحبّذا لو انشغلنا بسؤال أنفسنا “ماذا قَدَّمَ كُلٌّ منَّا للبشرية أو لديننا أو لمجتمعنا”؟؟؟ حتّى يكون بمقدورنا تقييم قُصورنا و تقصيرنا بدلاً من الخوض في مصائر الناس و أقدارهم بين النعيم و الجحيم! فهذه شقاوة فكرية و عبثية فلسفية لا تعودُ علينا سوى بالانقسام و الفرقة و الخصام و الانفصام!!!

و الحمد لله الذي لم يجعل مفاتيح الجنَّة بيد البشر… إذاً فلن يدخَلها سوى بعض رؤساء الدول و بعض أقاربهم و “حمولة باص كوستر” من المحسوبين عليهم!!! واللهُ أعْلَمُ وأحْكَم…!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. الله سبحانه وتعالى أنزل لنا قواعد وأسس ولم يتركنا هملا… روى مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أحد من هذه الأمة لا يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كانَ مِنْ أَصْحَابِ النار.

    1. نحن لا نحكم على شخص بعينه ولكن بعد مجيء الاسلام من مات غير مسلم خلد في النار

      1. الأخت منى
        يجب أن نعرف أولا ما المقصود بكلمة اسلام، ومتى بدأ الإسلام؟ بدأ الإسلام منذ غابر العصور … منذ سيدنا آدم عليه السلام … كل من آمن بالرسول المبعوث من لدن الله عز وجل وآمن بالرسل الذين سبقوه هو مسلم … وكل من خالف التعاليم فهو إما كافر أو مشرك … وكلاهما في النار مالم يتوبا قبل يوم القيامة … وفي وقتنا الحالي هناك من غير المسلمين … أقصد من أهل الكتاب – سواء اليهودية أو النصرانية _ من يؤمن بالله وحده ويؤمن بالجنة والنار ويؤمن بالرسل … ولكنه لم يعلن اسلامه وانتماءه لدين محمد صلى الله عليه وسلم، فلا نستطيع نحن البشر ان نحدد مصيره بانه في النار مخلدا …

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى