أذن واحدة لا تكفي / يوسف غيشان

أذن واحدة لا تكفي
يوسف غيشان
تقول الحكاية ، التي تصلح لكل زمان ومكان، أن سيدا قديما انجبت زوجته ولدا ليس له سوى أذن واحدة، بينما كان مكان الأذن الأخرى مغلقا ومسدودا.
بالتأكيد فقد غضب السيد القديم، ثم مال الى الإكتئاب، وهو يرى ولي عهده مشوها، في عصر لم تكن به الشماغات الحمراء والبيضاء والسوداء والعترات بأنواعها من موديلات ذلك العصر. كان اللباس لفّة من قماش فوق اعلى الرأس تتوسطها جوهرة ، فكانت مكان أذن ولي عهده المفقود سيظهر للعيان، ولو كانت موضة النظارات قد اكتشفت آنذاك… لكانت الكارثة اكبر وأكبر.
مستشار السيد القديم لاحظ هذا التغير في مزاج سيده وولي نعمته، فطلب الأذن في الكلام وقال :
– عن اذنك يا سيدي
فغضب السيد القديم وقال لمستشاره:
– اياك ثم اياك ان تذكرني بالأذن مرى اخرى ، والا قطعت عنقك.
ارتبك المستشار ولم ينبس ببنت شفة.لاحظ السيد القديم ذلك ، فهدأ قليلا وقال:
– يا مستشاري العزيز …اليوم ولدت زوجتي ولدا سيخلفني ….
– الف الف مبروك يا سيدي ..فلنعلن الأفراح واللليالي الملاح.
– اسكت يا مستشاري ولا تعلن شيئا ، فقد ولد ابني الوحيد بأذن واحدة فقط… ولا اعرف كيف اقدمه للناس ليخلفني بعد عمر طويل …بالتأكيد سيتحول الى اضحوكة للعباد.
طلب المستشار الأذن بالخروج من مجلس الملك “دون ان يذكر كلمة الأذن طبعا” ثم عاد بعد قليل وهو يضع محرمة ينز منها الدم على احدى اذنيه.
– ماذا فعلت بنفسك يا مستشاري العزيز؟
– لقد قطعت اذني يا سيدي
– وماذا يفيدني هذا يا احمق؟
– لن يشعر ابنك بالغربة
– وكيف ذلك.
– تعلن قانونا جديدا للعقوبات .
– وما فحواه هذا القانون الجديد؟
– العين بالأذن والسن بالأذن والنفس بالأذن
– وماذا يعني هذا؟.
– السارق تقطع اذنه بدل يده، والفاسد تقطع اذنه والمجرم تقطع اذنه المديون تقطع اذنه……..
– لا تكمل يا مستشاري العزيز…. لقد فهمتك لقد فهمتك.
وهكذا، وعلى مدى سنوات، صار الكثير من ابناء الشعب من مقطوعي الأذن، وما ان استلم “ابو اذن مقطوعة” مكان والده بعد عمر طويل ، حتى صارت عملية قطع الأذن عادة طبيعية عند الناس يجزّون أذانهم بعد الولادة ، ويحتفلون بذلك، كما يحتفلون بطهور الأولاد ، صار الجز لايحتاج الى جرائم ولا الى عقوبات.
بعد فترة مرت قافلة تجارية من تلك الإمارة، ودخلت بين الناس ، الذين اجتمعوا حول افراد القافلة، وهم يضحكون ويستهزئون:
– انظروا اليهم ..ان كل واحد منهم بأذنين وليس بأذن واحدة…. انهم اثنان في واحد………………..ههههههههههههههههههههه هووووووووووووووووووووههههههههههههييييييييييييي.
الحكمة من الموضوع:
لقد اصبح وضعنا بائسا ويائسا ومقطوعا، وقريبا جدا، سنصبح جميعا، في العالم العربي، بأذن واحدة.
عن أذنكم!!.
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى