أدرينالين بلا أسبرين ! / يوسف غيشان

أدرينالين بلا أسبرين !
في بقيّة دول العالم تُسمّى الحكومات بهذا الاسم ( حكومة ) لأنها تحكم الناس ، أما عندنا فإنّ الحكومة تسمّى حكومة لأن (هناك ) لا بل (هنا) من يتحكّم فيها ، وحتى لا أظلم الحكومة،فإنّ (من) يتحكم فيها، و على اختلاف مشاربهم ومضاربهم ، يتصفون بالانفعالية ويرفضون الحوار ، حتى لو سمحوا ، مرغمين ، ببعض التجاوزات الكلامية .
تقول الحكاية أو النكتة ، سمّها ما شئت ، أنّ رجلاً عصبيّاً جلس يتسامر مع زوجته فقال لها :
– حصلت معي اليوم قصة غريبة جداً ، ومن كثرة ما هيّه غريبة ما راح إتصدقيها، وبتقولي بضميرك بدون ما تحكي ، إنّي كذاب .. أنا مش كذاب ، إنتي وأهلك الكذابين يا قليلة الأدب يا بقرة .. قومي إنقلعي من هون .. إنتي طالق !!
و تُروى هذه النكتة بطريقة مشابهة عن رجل يذهب إلى الخياط، ويقول له :
هاي قطعة قماش بدّي إتفصّلّي منها بذلة .. وبدّي استلمها بكره .. مش تقوللي ما كفّت القطعة ، وإلاّ تقوللّي : والدي مات وما قدرت أفصّل لك القطعة.. و مش تروح تسرق من القماش .. شو بتفكرني أهبل ؟؟
أقولك ؟!.. يلعن أبوك على أبو إللّي بدّه إيفصّل عندك ..هات القماش !!
بالمناسبة أنا لا أروي نكاتاً ، بل أتحدث عن واقع نعيشه ونمارسه كلّ يوم بكلّ تفاصيله .. نحن لا نعطي فرصة للحوار ، ولا نمنح مسافة للتفاهم ، أو لإمكانية التفاهم .
الحكومة لا تتيح فرصة للحوار مع الناس ، ومع الأحزاب ، بل تعمل اللّي برأسها ، وتغضب على الأحزاب وعلى الناس وتهاجمهم وتفصلهم بدون سبب مقنع، وتفصّل قوانين مرفوضة كان يمكن قبولها لو أنها تحاورت معهم قبل إقراراها .
الناس لا يقبلون الحوار ، ويتخذون المواقف القاطعة (يا أبيض يا أسود) دون التفكير في إمكانية وجود مبرّرات ما للحكومات.
الأحزاب أيضا لا تتيح مجالاً للنقاش مع أحد، حتى بداخلها، فالحوار مفقود بين الفئات التي تحمل وجهات نظر متنوّعة، ممّا يجعل الانشقاق أسهل من التفاهم ، واللجوء إلى وسائل الإعلام و ( الردح على بعض ) أحسن من الحوار الداخلي ، والنقد اليدويّ أفضل من النقد الذاتي .
أينما أدرتم رؤوسكم ستجدون من يتصرف مثل الزوج العصبيّ أو الرجل الذي يريد أن يفصّل البذلة .. و إن لم تجدوا حولكم … انظروا في المرآة !!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى