.صمتي يطربني

[review]من ارشيف الكاتب

الصمت في ثقافتنا منظومة متكاملة..الطفل – حديث الولادة- عندما يبكي لحاجة حياتية نسارع في اسكاته بأرخص ثمن (لهاية)..فيتنازل – الى الأبد- عن حقه بالحليب و النظافة والراحة، بعد أن يتعوّد على رضاعة الصمت الذي لا ينفد.

ومنها يكبر المرء وتكبر (لهايته). في المدرسة يتعلّم الطالب الصمت – قبل الأبجدية- عندما يتم اسكاته بـ (لهاية ) على شكل عصا ..وفي الجامعة يتم إسكاته بـ (لهاية) على شكل شهادة .. وفي الوظيفة يتم اسكاته بــ(لهاية) على شكل منصب،وبعد التقاعد يتم اسكاته بـ (لهاية) على شكل كشف راتب، وفي مهنة (الفقر) يتم اسكاته بــ (لهاية) على شكل رغيف …

ثمة شعار يقول: ثقافتنا هويتنا، والصحيح: صمتنا هويتنا، لاحظوا كيف يطرب البعض لصمته ويتمنى صمت الآخر حتى بدون (لهّاية) : الزوج يتمنى صمت زوجته، والزوجة تتمنى صمت زوجها، الابن يتمنى صمت ابيه، والأب يتمنى صمت ابنه،السائق يتمنى صمت الركاب، والركاب يتمنون صمت السائق، الخطيب يتمنى صمت الجماهير،والجماهير تتمنى صمت الخطيب، الفقراء يتمنون صمت المنظرين،والمنظرون يتمنون صمت الفقراء،والحكومات تتمنى صمت الجميع..

مقالات ذات صلة

بناء على ما سبق، غداً سآخذ جميع أوراقي الثبوتية، أحمل بيجامتي، وفرشاة أسناني،وراديو البطارية، وأدخل الى أقرب عصفورية حكومية..متنازلاً عن اسمي و أهليتي ورشدي وعن معادلات التفكير اليومية ..

أتعرفون لماذا؟..تآكل الراتب وتمنّوا صمتي فصمتّ، زادت الضرائب وتمنوا صمتي فصمتّ، رفعت الأسعار وتمنوا صمتي فصمتّ،صغر رغيفي وتمنّوا صمتي فصمت، طار ”الكاز” وتمنّوا صمتي فصمتّ، اتسع الفقر وتمنّوا صمتي فصمتّ، انتفخ المنتفخون على مرأى مني وتمنّوا صمتي فصمتّ .

الآن فقط صار (صوتي) يهمهم ؟؟…يفتح الله…

صمتي الآن يطربني..

ahmedalzoubi@hotmil.com

من ارشيف الكاتب

احمد حسن الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى