
#يا_ريت_الريح..
#خاص_سواليف
مقال الاثنين 15-9-2025
#أحمد_حسن_الزعبي
في #أيلول_الماضي ، #وقت_الغروب ، كنتُ أنظر من شبّاك السجّن المسطّر بالقضبان ، علّي ألمح #سرب_طيور_مهاجرة في برواز السماء ، أو حبل غسيل يرقص لزفاف #الخريف، أو #غيمة هربت من #قبضة_الصيف ، أو عبارة حريّة صرخت بوجه الزيّف، أو غصن شجرة يلوّح لي من بعيد ،كما تلوّح الأم لابنها المسافر، أو كلمات غزلٍ على جدار مدرسة ،او #طرف_ضفيرة ..لكنّ شبّاكي كان صغيرا جداً ، وبعيدا جداً، وكئيبا جداً، وأيلول لا يزور #الشبابيك_الصغيرة..
**
كنت أسمع صوتاً من بيتنا القديم كل مساء ..يغنّي لي بلحنٍ فيروزي حزين: ” يا ريت الريح اذا انت نسيت أول الخريف وما جيت “..كنت أشتم #رائحة_القمح من مخزننا المعتم ، ودخان البُنِ من” #المحماسة ” ، والدمع الأسود العتيق المتجمّد من عين “طبّاخ” القهوة الشاهد على فراق أمي ، كنت أشتم رائحة الطحّين من أكمام ثوب الغالية ، وبقايا العجين على اطراف المعجن، و #رائحة_الطين المجبول بالتبن من سطح بيتنا العالي، كنت أرى خصلة الخيطان فوق الباب ، كخصلة شعر فوق جبهة صبية، تطير كلما تنفّس أيلول غرباً وغروباً…كنت أسمع #هديل_الحمام فوق السياج ، وخشخشة ورق “الدالية” الذي يسقط هشّاً بعد أن افتدى العناقيد بجسده، وأسمع وشوشة الزيتون ..كنت أسمع صرير بوابة دارنا ، عندما نغلقها آخر الليل..فيحط على أهداب الحي السكون..
**
في الصباحات الندية ..ترمي الأشجار ذهبها تحت قدميّ الوقت مهراً لأيلول ، تقدّم أوراق اعتمادها بماء الخريف المذهّب ، سفيرة في مملكة #الشتاء_القادم..في أيلول تدهشني رائحة المقاعد المبتلّة ، وبقايا قهوة الليل المنسية في الحدائق العامة ، ودروس القراءة للصف الثالث ، والضوء الذهبي الطالع من البيوت البسيطة .
في أيلول ،يمطرني #صوت_فيروز كحقل عطش، يغسلني كشجرة ، يعيدني في آلة الزمن طفلاً..فأتجدد من جديد وأُورق من جديد..اهتزّ لريح الحياة وغيثها..وأقول لمطر أيلول الغائب عني : “يا ريت الريح اذا انت نسيت أول الخريف وما جيت..”
ahmedalzoubi@hotmail.com