وما أدراك ما غزة

وما أدراك ما غزة

د. ذوقان عبيدات

قال صديقي نضال أبو زيد: لماذا لا تكتب عن #المقاومة؟ فأجبت هل المقاومة فعل يمارسه مقاومون أم كلام يقوله إعلاميون أم مقالات يكتبها كاتبون؟ وهل من المجدي الكتابة عن المقاومة في الوقت الذي انضم كل #مواطن #عربي – ذي عقل مقاوم- إلى المقاومة؟ ولذلك قررت أن أكتب عن ثقافة المقاومة لا عن المقاومة!
خاصة وأن كثيرين كتبوا عن نتائج الفعل، والفاعل المقاوم، والمفعول به المقاول..
المقاومة ثقافة! إنسانية نشأت من مواجهة طرفين: الأول يمتلك سلطة قوية أو سلطة القوة، والثاني يمتلك أخلاقيات القوة، ففي الفيزياء؛ التيار قوة تمر في الأسلاك والأسلاك مقاومة تحاول إعاقة هذه القوة. وفي الفيزياء ايضًا: القوة لها ذراع والمقاومة لها ذراع، والمعادلة هي: إن ذراع المقاومة أطول من ذراع القوة! فما ذراع المقاومة؟
ذراع المقاومة هو قيم وأغانٍ وأناشيد وحق وكرامة ومواطنة ومساواة.
وذراع القوة هو قهر وتسلط وتمييز وطائراتٍ. وكما تتخذ القوة أشكالًا مثل الإقصاء والتهجير والتكفير والسجن وربما الاغتيال، فإن المقاومة تتخذ أشكالًا منها:

  • المقاومة المستندة إلى #الحياة والحق.
  • أدب المقاومة، وهنا سأتوسع:
    إن بيت شعر للشاعر عمر أبو ريشة أسقط حكومة في سوريا
    إن أرحام البغايا لم تلد مجرمًا في مثل هذا المجرم
    وقصيدة أمل دنقل أوقفت التطبيع في مصر حين قالت لا تصالح! لو منحوك الذهب، أترى حين أفقأ عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما، هل ترى؟
    وقصيدة فؤاد نجم تعليقًا على كامب ديفيد تهنيّ يا مصر: رجعت سينا وضاعت مصر…
    و نشيد الله أكبر في حرب ٥٦
    كيف وحد الأمة العربية!
    وأغنية جوليا بطرس وين الملايين
    ونشيد قسمًا بالساحقات الماحقات
    الذي قاد الثورة الجزائرية… كيف هزت هذه الأغاني ووحدت مشاعر كل العرب !
    والمقاومة المستندة إلى القوة، كما حدث في نجاحات الثورة الجزائرية، وحرب تموز 2006 مع حزب الله والعدو الصهيوني ومعارك حماس المستمرة مع هذا العدو!!
    قلت في مقالة سابقة: المقاولون يهتمون بالخسائر والأرباح وكذلك التجار، و#المقاومون يهتمون بتقديم #الأرواح من أجل إحياء الأرواح.
    فثقافة المقاومة، عكس ثقافة المقاولة:
    مقاومة الفساد، مقاومة الشغف بالسلطة، بناء الذات حين يئسنا من فلسطين عربية وقبلنا بجزء عربي منها ويئسنا أيضًا، قادتنا المقاومة إلى فلسطين بين النهر والبحر، وحين تعثرت المقاومة لصالح فكر الواقع: الكف والمخرز، ظهرت ثقافة الاستسلام. وهكذا. هذا كله معروف، لكن ما ليس معروفًا هو الخلط المقصود بين الإرهاب والمقاومة: فحماس والجهاد وحزب الله منظمات إرهابية، والجيش الإسرائيلي قوة أخلاقية! هذا بعض ما تعرضنا له جميعًا، وصرنا نصدق ثقافة الموساد المدعومة من كثيرين منا: إسرائيل صديقة أخلاقية، ليست عدوة، حليفة استبدلنا إيران بإسرائيل! عدوة، مغتصبة.
    إذن ما الفرق بين المقاومة والإرهاب؟ إنه الهدف وليس الأدوات، فالمقاومة تستخدم القوة وهذا ما حرّر الجزائر وفيتنام كما حررت عقولنا وقلوبنا، ووحدت صفوفنا!! أسقطت المقاومة صفة الإرهاب وأعادت تعريف المفاهيم، والمقاومة تسلك أيضًا طريق اللاعنف: فكل رفض مقاومة.
    رفض الاعتداء على الحقوق.
    رفض التمييز بأشكاله كافة.
    رفض التعامل مع العدو.
    الاحتجاج!
    رفض التضييق على الحريات.
    تحرير العقول مقاومة.
    هذا ليس كلامًا إنشائيا فالمقاومة مشروعة بكل أشكالها. أما المنادون بالسلم والسلام- وهم حكماء الأمة والشعب والكف والمخرز، فأمامهم الارتماء العربي: كامب ديفيد، أوسلو، عربة، وما أدراك ما فعلت بعض دول الخليج! كل هؤلاء جربوا السلام، حيث مرت في ظلاله كل غزوات إسرائيل: المستوطنات، احتلال بيروت، إذلال الأمة العربية، حروب غزة، حرب 2006 مع حزب الله، ولم تحدث إيجابية واحدة، فالمقاومة بأشكالها: هي المطلوبة.
    انتفاضات، احتجاجات، مقاطعات، رفض، وشيء آخر ممنوع التحدث عنه!!
    ما يميز المقاومة عن الإرهاب: عدالة القضية، وغياب المعايير المزدوجة.
    قلت ذات مرة – قبل وادي عربة – من يطلق النار باتجاه الغرب هو مقاوم
    ومن يطلقه نحو الشرق يعتبر إرهابيا.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى