سواليف
عد حياة مليئة بالمغامرات والإنجازات الكبيرة، توفي السبت 16 أبريل/نيسان 2016، رجل الأعمال المغربي ميلود الشعبي وواحد من أغنى أثرياء البلاد عن عمر يناهز 86 عاماً، إذ جاء مرات عدة على رأس قائمة “فوربس” لأغنياء المغرب بعد أن أسس هولدينغا يضم أكثر من 70 شركة تشتغل في مجالات مختلفة.
ميلود الشعبي، الذي بدأ حياته راعياً للأغنام بعد تركه المبكر لمقاعد الدراسة، اشتغل أيضاً في شبابه كعامل زراعي، غير أنه ملّ من وضعه ووضع عائلته المادي، فقرر أن يبدأ مشروعاً خاصاً له ويبني من ورائه ثروة هائلة.
مجال البناء
انتقل ميلود حينما كان طفلاً يبلغ من العمر 15 سنة فقط من بلدته الصغير ضواحي مدينة الصويرة وسط المغرب، متجهاً إلى مراكش ثم القُنيطرة شمال العاصمة الرباط، حيث أنشأ أولى شركاته عام 1948 بعد أن اشتغل كعامل مياوم في البناء بأجر زهيد، ولم تكن سوى شركة بسيطة تتضمن عاملين يسعيان لإقناع الناس بأن يبنيا لهم منازلهم وشققهم.
لم يكن الاشتغال في مجال البناء والإنعاش العقاري في مدينة القنيطرة سهلاً أبداً على الوافد الجديد والقادم من قاعدة المجتمع الفقيرة، حيث كان حينها والمغرب لازال تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي محتلاً من قبل الفرنسيين وبعض من تجار اليهود والأسر المغربية العريقة، لكنه أصر على التحدي ونوع أنشطته وبدأ في صناعة السيراميك والبلاط منذ عام 1964.
وقال الشعبي في تصريح لموقع “هسبريس” المغربي عام 2012 بعد أن دخل لقائمة مجلة “فوربس” السنوية في الرتبة 401 ضمن مليارديرات العالم والأول في المغرب بثروة صافية قدرت حينها بـ2.9 مليار دولار، إنه يشعر بأن المراحل التي مرّت منها حياته شبيهة بفضاء الغولف “كلها حواجز وشعاب، لكن الحمد لله بالصبر والعمل الشاق استطعت التغلب عليها”.
النجاح يأتي بعد الفشل
صاحب هولدينغ “يينا” الشهير في المغرب، الذي يعني في اللغة الأمازيغية “أمي” أكد لـ”هيسبريس” أن أسرته “كانت تعيش فقر الصومال، حتى أن أخي توفي متأثراً من الجوع، ماتت البهائم ومرضت بسبب 8 سنوات متتالية من الجفاف والعطش عشناها”.
لكن عزيمة الشعبي كانت أقوى من الفقر والإحباط، فنافس حتى كوّن واحدة من أكبر الشركات القابضة في المغرب، وتجاوزات استثماراته المغرب حتى وصلت لبلدان كتونس ومصر وليبيا ومصر والإمارات وبلدان أخرى، وفي مجالات مختلفة، حيث استثمر في مجالات البناء وصناعة الكرتون وبيع المواد الغذائية البتروكيماويات وصناعة بطاريات السيارات والفنادق.
وكانت النقطة المفصلية في حياة الشعبي حينما تمكّن سنة 1963 من ترأس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بمدينة القنيطرة، ومنها تمكن من ترأس جامعة الغرف التجارية والصناعية بالمغرب التي تتضمن المستثمرين في المجال.
وبالنسبة له، فإن الشواهد العليا من أفضل الجامعات العالمية ليست كافية للأشخاص حتى يُحققوا النجاح في حياتهم، “بل السبب هو الاكتواء بنار الخسارة وتذوق حلاوة النجاح”.
من السياسة نصيب
بعد نجاحه في مجال الأعمال، دخل الشعبي السياسة من بابها الواسع أيضاً، حيث فاز عام أعوام 2002 و2007 بمقعد في مجلس النواب المغربي، وحينما قرر سنة 2011 عدم التقدم إلى الانتخابات أضرب عمال في إحدى شركاته للضغط عليه للترشح وهو ما كان، حيث فاز من جديد بمقعد برلماني.
وبعد أن دخل من جديد البرلمان عام 2011، أعلن 5 نواب تشكيل مجموعة نيابية مستقلة مساندة لحكومة عبدالإله بن كيران، سموها “المستقبل” ووضعوا الملياردير الشعبي ناطقاً باسمها، لكنه قدم استقالته من المجلس عام 2014 قبل انتهاء ولايته لأسباب صحية.