
#ورد_الزوجة و #خلع_الزوج!
من قلم المُحامي المُتدرب د. #ماجد_توهان_الزبيدي!
…………………………………………………………………………………………..
كلّما وجهتُ وجهي صوب محكمة إربد الشرعية ،في مشواري التدريبي على أعمال المحاماة من سنة تقريباً، تصدمني عبارة مُثيرة نُقشت على المدخل الزجاجي لمحل كبير لبيع الورود في الطابق الأرضي من عمارة مجاورة ، نصّها الإستفزازي يقول:”إذا ما إشترى لك ورد إخلعيه،هاي المحكمة جنبنا”!
وكلّما قرأت تلك العبارة المُصاغة بلغة ركيكة،تذكرت جاري “أبو رامي” الذي جاورني في البناية لعقد كامل من السنوات،والمُتقاعد من وظيفة الأمن الجامعي في إحدى الجامعات الخاصّة،بعد وصوله لعمر الستين،والذي كثيراً ما كان يؤكد في أحاديثه معي ومع ثلة من جيراننا المشتركين أنه لم يشتر باقة ورد ،واهداها لزوجته،طيلة عقود زواجه من مايزيد عن ربع قرن!
وكثيراً ماكان الرجل يُعللُّ ذلك الأمر ،بأن راتبه التقاعدي لا يكاد يكفي لتأمين الإحتياجات والأشياء الضرورية اللازمة لأسرته من مأكل ومشرب وملبس وأجور مواصلات وتلبية الإلتزامات الإجتماعية العديدة!
وكثيراً ماكان “ابو رامي”يؤكد على مسامع جيرانه من الرجال أن ثمن الوردة الواحدة لا يقل عن دينار أردني ،وهو مبلغ كفيل بشراء عشرة كيلو غرامات من بعض أصناف الخضروات من النوع الثاني من بسطات “حسبة” مسجد إربد الكبير،وسط المدينة في ساعات المغرب والعشاء!
بدوره أضاف جارنا “أبو خالد الخطيب” لما تفضل به “ابو رامي” أن عدم إلتفاتة معظم رجالات العرب لإهداء الورود لزوجاتهم نابع في الأساس من عادة مجتمعاتنا العربية في أغلب مدننا وقرانا ومخيماتنا من غياب الثقافة الرومنسية في العلاقات الإجتماعية بين الأزواج،ربما لماضي الفقر والعوز الذي غلب على مجتمعاتنا، حتى الثمانينيات من القرن الماضي،وعدم كفاية المداخيل المالية الشهرية، ولاحقا حتى مع كثرة الوظائف والموظفين في القطاعين العام والخاص،بسبب بروز عادات ومتطلبات شرائية جديدة ولدت مع ولادة الألفية الميلادية الثالثة،وفي مقدمها تكلفة الإرتباط بشبكة الإنترنت ،ومتطلبات الإتصالات الهاتفية في زمن الهاتف الذكي وبطاقات شحنه واجهزة الإشتراك في خدمات شبكات الإتصال،ك”الواي فاي” واجهزة التقوية المتنقلة،فضلاً عن دخول عادات إستهلاكية دخيلة كالتدخين الإلكتروني وإقتناء أدوات الأرجيلة ،والتوصية على وجبات الطعام الجاهزة،ومظاهر الإحتفالات بأعياد الميلاد ومناسبات النجاح في الثاويات العامة والجامعات،الأمر الذي أدّى بالراتب الشهري أن يطير بسرعة الصاروخ الفرط صوتي الإيراني أو اليماني في رحلته لفلسطين المحتلة!وبالكاد يصمد في المواجهة للثلث الأول من الشهر!
ليس ابو رامي أو أبو خالد الخطيب وحدهما من لا يستطيع شراء الورد لزوجتيهما بل أغلب العرب من “نواق الشط” ل” ظفار” و”دير الزور”و”مرسى مطروح”!وأن العبارة الإستفزازية سهم آخر يوّجه للعلاقات الأسرية العربية التي باتت مُهددة فيما تبقى لها من مقوّمات الصمود في عصر الإعلام الفضائي الرقمي وبرامج التواصل الإجتماعي،وزيادة حالات الطلاق مقارنة مع حالات الزواج المتراجعة،وأغلبها عائد لأسباب مالية،هي بدورها عائدة لعدم كفاية الرواتب الشهرية للعرب غير المُصدّرين ل”السخام” والغاز!ولسيادة الثقافة العامة:”رغيف العيش مُقدم على إحتياجات الروح”!(1 أيلول)