وراء الحدث

#وراء_الحدث

د. #هاشم_غرايبه

التآمر العالمي لأجل التعتيم على الأحداث في الضفة الغربية، يتم بالدرجة ذاتها الذي يجري في التعامل مع العدوان الشرس على القطاع، لأن المدخلات واحدة وهي قمع محاولات زعزعة الكيان اللقيط، وإعطائه الفرصة كاملة لممارسة كافة الأساليب القذرة والمحرمة دوليا في التعامل مع شعب يرزح تحت الاحتلال، والتغطية على جرائمه ضد الإنسانية.
بعد مرور ما يقرب من العام على بدء الطوفان، ثبت أنه حقق هدفا رئيسا، رغم أنه فشل فيما كان يأمله من تحريك جماهير الأمة التي اكتفت بالدعاء.
ما نجح في تحقيقة هو أهم هدف على المستوى الفلسطيني، وهو أنه أزال (الران) الذي كاد يخمد الروح النضالية الفلسطينية، ويشيع الاستسلام والقبول بضياع الحقوق تحت ذريعة المبدأ الذي قامت عليه السلطة الفلسطينية وهوالقبول بالممكن، مع أن هذا الممكن ظل يتناقص على الدوام مع كل تنازل خانع، حتى أصبح دون الصفر.
فقد شحنت هذه المعركة، وبطاقة حماسية عالية، الشباب الفلسطيني الذين بلغوا السادسة عشرة فما فوق، الناقمين على الأوضاع البالغة السوء، وزادت من شعبية المجاهدين كثيرا، مما أتاح للمنتمين الى التنظيمات الإسلامية التي ظلت سرية بسبب قمع السلطة وتعاونها مع قوات الاحتلال في ملاحقتهم، أتاح لهم الظهور العلني وقيادة المجموعات التي ظهرت بشكل رئيسي في المخيمات، وفي المدن بشكل أقل، فيما عدا رام الله التي ظلت مرتعا للسلطة والمستفيدين منها.
صحيح أن هذه الطاقة الثورية تتم بشجاعة وإقدام لن تجد له مثيلا في أي مكان في العالم، لكنها بسبب قلة الإمكانيات وغياب الدعم الخارجي وبسبب التآمر الخياني للسلطة، تتم بمواجهات غير مدروسة مع الاحتلال، لذلك فكلفتها البشرية عالية جدًا، ومستوى الأذى الذي تلحقه بالاحتلال متدنٍ.
ومع ذلك فأعمال هؤلاء الشباب البطولية، في هذا الحيز الجغرافي الصغير من حيث المساحة (5860 كيلو مترًا مربعًا)، والمراقب تكنولوجيًا بشكل محكم، تخطت كل الموانع التي أقامها تعاون وثيق لكل أجهزة الأمن في هذا الكوكب مراقبة وإغلاقا إعلاميا بشكل محكم لكي لا تشتعل الثورة وتتفاقم، لأن اشتعالها سيغير توازنات المعركة في القطاع، فالأمر المقلق لكل أعداء منهج الله، الخارجيين منهم والمنافقين المحليين، فهم خائفون من الامتداد أفقيا وعمقا لهذه الروح النضالية في نفوس ابناء الأمة العطشى الى التحرر، ويطلقون على ذلك مسمى مخادعا هو (توسيع رقعة الصراع)، لذلك فهم يعملون بداب على عدة أصعدة:
1 – الدعم اللامحدود للكيان اللقيط في ممارسة التنكيل بكل وسائله بحق الشباب المقاوم في الضفة، ومن غير التزام باية ضوابط قانونية أو أخلاقية، بما في ذلك العقاب الجماعي للأحياء التي يقيم فيها المقاومون، لكي يوقعوا بينهم وبين الأهالي المقيمين فيها، فيتركوهم لقمة سائغة للعدوالحاقد.
2 – الضغط الشديد والمتواصل على الطرفين الملتزمين بالتنسيق الأمني مع الكيان اللقيط (وهما سلطة رام الله وأنظمة دول الطوق)، لأجل تشديد الإجراءات لمنع تزويد المقاومين بالسلاح والإمداد، حيث أمنوا لهم التغطية القانونية بقوانين مكافحة الإرهاب.
3 – محاصرة الأصوات المتضامنة مع المقاومة، عالميا بالسيطرة على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، لشطب المحتوى المؤيد أو الداعم لها، وعربيا بتجنيد الأجهزة الأمنية العربية التي يجيد منتسبوها اللغة العربية، وبالتالي هم أقدر على اكتشاف القدرات الواسعة لهذه اللغة بالتسلل من ذلك الحصار الخانق لحرية التعبير عن الرأي الذي تمارسه المؤسسات العملاقة جميعها.
4 – إقناع إيران باستخدام العصا والجزرة لأجل الاكتفاء بالتهديد الإعلامي بالرد على عمليات الإغتيال التي مثلت صفعة صادمة لها، لأن أي رد عسكري من قبلها كفيل بإلهاب مشاعر الأمة، وستكون جرعة دعم رافعة للمعنويات، وكاسرة لوهم منعة الكيان اللقيط.
نخلص الى الاستنتاج أنه لم تترك أداة واحدة، قليلة الأهمية أو كبيرة، يمكنها أن تحمي هذا الكيان اللقيط من مصيره المحتوم بالزوال، إلا وأخذ الغرب بها، وذلك لا يدل الا على شيء واحد: هو أنهم في أشد القلق على كيانهم الذي جهدوا بتزويده بكل ما لديهم من قوة ومال ودعم إعلامي، لكنه في أول هجمة تعرض لها، ثبت أنه مجرد نمر من ورق، ولولا الجسر المتصل من مددهم لما صمد يوما.
لذا فواجب المخلصين عدم إهمال هذه اللحظة التاريخية، لأن إمارات نصر اله للأمة قد لاحت.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى