سواليف _
يعرض فيلم “جوكر” حول العالم حتى الآن، ليحقق يوما بعد يوم مزيدا من الأرقام القياسية، آخرها أعلى فيلم يحمل تصنيف “آر” (R)، أي لا يجب مشاهدته سوى للبالغين الذين تجاوز عمرهم 18 عاما، ليتغلب بذلك على فيلم ديدبول الجزء الأول، الذي حمل هذا اللقب فترة طويلة.
لكن يبدو أن الفيلم لن يكون حالة خاصة في السينما فقط، بل تجاوز ذلك حتى أصبح رمزا سياسيا، فبعد أيام من إطلاق السينما العالمية فيلم جوكر، بدأ الوجه المميز لشرير القصص الهزلية بالظهور في مظاهرات سياسية بجميع أنحاء العالم. فهل يمثل ذلك شكلاً جديدًا من أشكال الاحتجاج مثل ارتداء قناع فيلم “ثاء رمزا للثأر” (V for Vendetta)؟
من تشيلي إلى لبنان -عبر هونغ كونغ والعراق- قام عدد من الأشخاص بارتداء القناع الشهير بالابتسامة المبالغة، قناع جوكر الذي ظهر في فيلم المخرج تود فيليبس.
وغير الأقنعة وطلاء الوجه، ظهر الجوكر كذلك في الكتابة على الجدران في المظاهرات العالمية للاحتجاج على الحكومات، ويوضح ويليام بلانك، مؤرخ ومؤلف كتاب “الأبطال الخارقون.. تاريخ سياسي”، أن “قصة فيلم تود فيليبس عن جوكر مثيرة للغاية”. وأضاف “إنه يعكس شكلاً من أشكال الاحتجاج على نظام سياسي يعتقد الناس أنه غير مرن ولا يستمع إلى مشاكلهم”.
في الأسابيع التي تلت عرض هذا الفيلم في السينما، ظهر رمز الاحتجاج على شكل قناع جوكر بالفعل في الشوارع، ولا سيما في لبنان، حيث رسم مجموعة من فناني الرسوم على الجدران لوحة جدارية للمهرج الكئيب وهو يحمل كوكتيل مولوتوف.
وتشير نقوش أخرى في أماكن متعددة أيضا إلى فيلم تود فيليبس، كما هي الحال في مدينة لوس أنجلوس التشيلية، حيث كتب شخص ما عند سفح تمثال “نحن جميعًا مهرجون”.
الإشارات السياسية لشخصيات الفيلم عديدة، وجوكر ليس القناع الوحيد الذي يتم ارتداؤه في المواكب في الوقت الحالي، ففي هونغ كونغ -على سبيل المثال- يتحدى المتظاهرون قانون الطوارئ الذي يحظر ارتداء الأقنعة من خلال ارتداء أقنعة ويني ذي بو أو الضفدع كيرميت، كما ذكرت وكالة أسوشيتيد برس.
ويعتبر قناع جوكر الأشهر الآن، بعدما انتشر على مدى سنوات قناع فيلم “في فور فانديتا” بالمظاهرات والاحتجاجات المختلفة، حيث قال ويليام بلانك “الموضوع الرئيس لهذين الفيلمين هو التفتت الاجتماعي، وحقيقة أن تجد نفسك وحيدا للتعامل مع بؤسك”، موضحًا “نهاية فيلم تود فيليبس، تشبه إلى حد ما نهاية فيلم “ثاء رمزا للثأر”، إذ كل شخص يرتدي القناع نفسه وتلك طريقة للالتقاء معا، لخلق جماعية، لا تشعر فيها بالوحدة مع الصراع”.
هناك رابط رئيس آخر بين القناعين، حيث بدأت شخصية “ثاء رمزا للثأر” في قصة مصورة كتبها آلان مور ورسمها ديفد لويد، عام 1982 في مجلة الكوميكس أو القصص المصورة الشهرية البريطانية “المحارب” (Warrior) قبل أن تكسب جمهورا أكبر بكثير عندما تم تجميع القصص في رواية مصورة بواسطة دي سي للكوميكس DC Comics في عام 1988.
كذلك ظهرت شخصية جوكر لأول مرة في العدد الأول من قصة الكوميكس “باتمان” (Batman) في عام 1940. ومع ذلك، فإن نسخة الشخصية التي رجع إليها المخرج تود فيليبس باعتبارها مصدر إلهام له هي في الواقع من رواية مصورة إصدار عام 1988 بعنوان “النكتة القاتلة” (The Killing Joke)، التي كتبها كذلك آلان مور.
إذًا على الرغم من أن القصص المصورة تم وصمها لفترة طويلة على أنها وسيط ترفيهي بحت، بل يظن الكثيرون أنها موجهة للأطفال فقط، فإنها استطاعت التأثير في ملايين الأشخاص، وتشترك في الحراك السياسي بالعديد من الدول.