والدة هند رجب: صوتها جرح مفتوح يختصر 17 ألف قصة فيلم لم ترو بعد (فيديو)

#سواليف

في حديث مؤثر لبرنامج “المسائية” على قناة الجزيرة مباشر، عبّرت #وسام_حمادة، والدة #الطفلة_الشهيدة_هند_رجب، عن امتنانها لكل من ساهم في إيصال صوت ابنتها إلى العالم، عبر فيلم عُرض لأول مرة، يوم الأربعاء، في مهرجان البندقية السينمائي، مؤكدة أن قصة هند ما هي إلا واحدة من آلاف القصص المأساوية لأطفال غزة، “هند مجرد طفلة واحدة من 17 ألف طفل شهيد في قطاع غزة، هند مجرد قصة واحدة، وهناك أكثر من 17 ألف قصة مشابهة”.

في بداية حديثها، عبّرت عن شكرها العميق لكل من ساعد في إيصال قصة ابنتها، وخصّت بالذكر قناة الجزيرة مباشر والمخرجة كوثر بن هنية، معتبرة أن #الفيلم الذي وثّق صوت هند “خلّد ذكراها” وجعل العالم يسمع قصتها. لكنها اعترفت بأنها لم تستطع مشاهدة الفيلم بنفسها لصعوبة الموقف، إذ قالت: “ما بقدر حتى أسمع صوت بنتي لأنه يذكرني بلحظة عجزت فيها عن إنقاذها”.

“ألم لا يُطاق”

توضح وسام أن مجرد سماع تسجيل صوت ابنتها وهي تطلب النجدة يفتح جرحًا لا يلتئم، فكل مرة تسمع فيها كلمات مثل “خدي” أو “تعالي” تنهار من جديد.

وتضيف أنها لا تستطيع حتى مشاهدة الصور أو الفيديوهات التي التقطت لهند في لحظاتها الأخيرة، لأن ذلك يعيد إليها شعور العجز القاتل: “كانت تطلب مساعدتي وأنا لستُ قادرة على مساعدتها”.

وانتقلت الأم للحديث عن الوضع الإنساني العام في غزة، مشيرة إلى أن الأهالي يعيشون الموت لحظة بلحظة، محاصرين في مساحات ضيقة، والخوف يرافقهم باستمرار.

وأوضحت أنها لم تغادر شمال القطاع منذ بداية الحرب، وتخشى في كل لحظة أن تفقد ابنها الوحيد الباقي، زياد.

تصف وسام الواقع بقولها إن العائلات أصبحت تنام في غرف متفرقة حتى لا يُقتل الجميع دفعة واحدة، أو في غرفة واحدة كي يرحلوا معًا.

تضيف بأسى: “حتى فكرة الناجي الوحيد صارت كابوسًا”.

رغم صغر سنها، كانت هند ذات شخصية مميزة وطموحة، وقالت والدتها إن كثيرين كانوا يصفونها بأنها أكبر من عمرها الحقيقي.

حلمت أن تكون طبيبة، وكانت تحب التصوير وتسعى للشهرة، حتى إنها كانت تطلب من والدتها تصوير مقاطع فيديو تنشرها لتصبح معروفة “كانت تقول: أنا أريد أن أكون مشهورة والكل يعرفني”.
ترى وسام أن هذا الحلم تحقق بطريقة مأساوية، إذ أصبح صوت هند وصورتها معروفين في أنحاء العالم بعد رحيلها: “رحلت بجسدها، لكن رسالتها وصلت”.

في ختام حديثها، وجهت وسام حمادة رسالة قوية، مؤكدة أن قصة هند هي مجرد واحدة من أكثر من 17 ألف قصة لأطفال استشهدوا في غزة، وأن العالم لا يزال يملك الفرصة لإنقاذ من تبقى.

وشكرت الفنانين والمخرجين الذين دعموا القضية، متمنية أن تتحول الجمعة القادمة إلى “وقفة غضب باسم هند”، رفضًا للحرب ودعمًا لأطفال غزة الذين ينتظرون الخلاص.
بين الوثائقي والسردي

اللقاء الذي كان مشحونًا بالعواطف على برنامج المسائية، ضم أيضًا منتجة الفيلم سارة هامبورغ التي قالت في مداخلتها إن العمل لم يكن مجرد فيلم تقليدي، بل ثمرة جهد بحثي وإنساني مشترك هدفه نقل القصة بأكبر قدر من الدقة والاحترام.

شرحت هامبورغ أن مخرجة الفيلم، كوثر بن هنية اعتمدت على مزيج من الوثائقي والسردي لنقل مأساة هند وعائلتها، مع الاستناد إلى شهادات الهلال الأحمر الفلسطيني وتفاصيل الحادثة كما جرت بالضبط، وقالت: “القصة لم تُختلق، بل بُنيت على أحداث حقيقية، والصوت الذي تسمعونه في الفيلم هو صوت هند نفسه، لا تمثيل ولا بدائل”.

وأضافت أن الفيلم صُمم ليجعل صوت الطفلة الشهيدة رمزًا لكل أطفال غزة، مشددة: “قصة هند هي الصدى لكل الأطفال في فلسطين“.

توقفت هامبورغ عند صعوبة العمل على مشروع يحمل هذا القدر من الألم، معتبرة أن ما جرى في غزة يفوق أي سيناريو: “الواقع أمرّ بكثير من فيلم رعب، هناك وجيعة كبيرة في العمل وقهر أكبر في صمت العالم”.

وأكدت أن هذه المسؤولية دفعت فريق الفيلم إلى التعامل باحترام مضاعف مع القصة، معتبرة أن المشاهد لن يرى مجرد لقطة مصورة، بل سيواجه الحقيقة كما عاشها مسعفو الهلال الأحمر وأقارب هند.

وعن الردود، وصفت المنتجة العرض الأول في مهرجان البندقية بأنه لحظة استثنائية. القاعة، كما تقول، كانت تغص بالدموع والتصفيق المتواصل: “بعد العرض، ظلت الصحافة والجمهور يتفاعلون أكثر من عشرين دقيقة، الكل كان منهارًا نفسيًّا، والكل شعر بالضعف أمام المأساة”.

وأشارت إلى أن صوت هند ظل يلاحق حتى فريق العمل: “حتى بعد أسابيع من التصوير كنا نسمع صدى صوتها في آذاننا”.

وكشفت هامبورغ أن الفيلم سيتنقل بين مهرجانات عالمية في تورنتو وإسبانيا والمملكة المتحدة، مؤكدة أن الهدف ليس الربح، بل إيصال رسالة إنسانية.

وأوضحت أن المواضيع المرتبطة بغزة “حساسة وصعبة التسويق”، لكنها تأمل أن يفتح الفيلم نافذة لتغيير السياسات ووقف الحرب.

في ختام حديثها، قدمت سارة رسالة صريحة: “نحن نعيش في منطقة راحة مقارنة بما يعيشه أهل غزة، ما نقوم به ليس بطولة، بل محاولة بسيطة لنقل صوتهم، المطلوب أن نقف جميعًا على كلمة واحدة: كلمة الحق”.

وأضافت بلهجة مؤثرة أن التجربة جعلتها تؤمن أكثر بحق الجميع في حياة كريمة، بعيدًا عن أي لون أو دين أو أصل: “كل إنسان يستحق أن يعيش بحرية وأمان، وما يحدث في غزة أبشع من أفلام الرعب”.

المصدر
الجزيرة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى