وإذا أصيبت الأمم في أخلاقها مروة ابو الروس

وإذا أصيبت الأمم في أخلاقها .. فأقم عليهم ميتما وعويلا
الناظر لحال شبابنا الآن ولأخلاقه وشخصيته يعي جيداً حجم المشكلة التي أتحدث عنها ، أحببت أن أسميها ب “أنيميا الأخلاق” إنه مرض ٌ معدٍ مستعص ٍوهو في الغالب مرض العصر. لماذا لا يكون هناك تحليلًا طبيا للأخلاق فإذا كان هناك نقص ما يُصرف له العلاج؟ فقد سئمنا من هول ما رأينا من أعداد المصابين بهذا المرض .
كنت طالبة في يوم ما وها أنا ذا أصبحت معلمة ، أنظر في وجوه طالباتي فأقرا ما في عيونهم ، تلك لم تنم فقد خُذلت و داهمها النوم وهي تبكي وتشكي لله من معشر الرجال ، وأخرى تفقد الاهتمام والثقة بنفسها ، وهذه أيضا تعاني من ضريبة انفضال والداها ، والكثير الكثير مما أراه.
مهما كانت ظروف معيشتنا صعبة هذا لا يبيح لأي سبب من الأسباب لأي فتاة أن تفقد أنوثتها “حياؤها”، الخلق الذي يميزنا ويزيّننا والذي أصبح سلعة نادرة عزت على الكثير، ومع أنني لست أكبر طالباتي إلا بست سنوات إلا أن الفجوة الأخلاقية الفكرية عميقة بيننا ، فجوة تجعلني أسرح بالتفكير لأقول :يا ترى هل حقا كنا كذلك عندما كنا بعمرهم؟!
أصبحت شخصياتهم باهتة، متخبطة ومستنسخة وكأنهم ماتوا قبل أن يعيشوا ، هكذا بلا طموح ، لا شيء يستدعي اهتمامها إلا الحديث عن ذاك الممثل وهذا المغني وذاك الوسيم سارق القلوب ، وأكبر ما تحلم به فستان أبيض وحلي أصفر .
أدخل عالمهم الافتراضي بوسائل التواصل الاجتماعي فأصاب بالذهول أكثر ، هذه تصرّح بحبّها وتلك لا تمانع بأن يراها أحد وهي تشرب “الأرجيلة” أو بصورها شبه العارية، أتساءل أين رقابة الوالدين بل أين شعورهم برقابة الله قبل كل شيء؟!
لقد تخطوا مرحلة المعصية بل والجهر بها.
ولا أزال أتأمل بالوجوه حتى أجد تلك الجوهرة النادرة ، جوهرة الأنوثة والبراءة في عيونهن، كيف لا وقد أصبح الأدب ملفتا للنظر في ظلّ انعدامه، وما أجملهن !جدّ واجتهاد والحياء والأدب زاد، أرى بعضا مني بهم فأحبهن أكثر.
يا ترى كيف لي أن أعلمهن دون أن يتملكن قلبي ونتبادل الودّ والصداقة !؟ لا أدري إن كان الجميع يشعر بمثل ما أشعر أم لا؟ أم أن هذا صحيح أم لا؟
وفي ظل كل هذا أرى كم أن للأسرة من دور هام ، فهي أساس المجتمع ، وتبدأ التنشئة الصالحة باختيار زوجة وأم صالحة لتربي ذرية صالحة ، وبغير ذلك سيتفشى هذا الوباء الاجتماعي ؛فمن اختار جسدا لا خُلقا ودينا زوجة له سيتحمل نتيجة ذلك في أبنائه.
كلمة أخيرة للآباء والأمهات أرجوكم أحبّوا أولادكم، قولي لابنتك أحبك وقبليها كل صباح ومساء ، ولا تدعيها تنام قبل أن تبوح لك ما في قلبها ، اغمريها بحنان وغازليها كي لا تنبهر بالكلام المعسول من ذئب بشري يستحوذ قلبها ويغيّب عقلها ،
لا تراقبيها بل اجعليها تشعر بمراقبة الله لها.
ولا أنسى دور المعلم فإن أول ما يتبادر لأذهاننا عند سماع كلمة معلم ذاك المعلم الذي كان له أثر فينا سواء أكان تأثيرًا إيجابيًا أم لا، شخص جعلك تشعر ولكنك لم تنسَ بماذا شعرت، أؤمن أن كلمات المعلم تحيي وتميت الكثير في النفوس ولذلك يعلم الله إني قد بذلت جهدي -كي أؤثر – حتى ذبلت.
#مروة_ابو_الروس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى