تشهد #مصر حالة من الترقب لما يمكن أن يؤول إليه المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة، في ظل تأزم الأوضاع وتفاقم #الأزمات، خاصة مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية، التي يرى مراقبون أنها ربما تكون مختلفة عن تلك التي شهدتها البلاد في عامي 2014 و2018.
وبات السؤال الذي يطرحه البعض: “هل يمكن أن تشهد مصر #مفاجأة_سياسية قبل نهاية العام الجاري تقلب الأوضاع رأسا على عقب؟”.
ولم تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات عن موعد فتح باب الترشح للانتخابات رغم ضيق الوقت. كما لم يعلن رئيس النظام المصري عبد الفتاح #السيسي موقفه بشكل رسمي من الترشح لفترة رئاسية ثالثة.
والأربعاء، نشرت وسائل إعلام مصرية مختلفة بيانا أصدرته الهيئة الوطنية للانتخابات بخصوص الجدول الزمني للعملية الانتخابية، لكن جرى حذفه سريعا، دون معرفة السبب، فيما أرجع مراقبون تلك الخطوة إلى ما وصفوه بارتباك وتخبط النظام في التعاطي مع الانتخابات الرئاسية المرتقبة.
وقال مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار أحمد بنداري، خلال مؤتمر صحفي عقدته الهيئة الأربعاء، إنه سيتم الإعلان عن بداية العملية الانتخابية وجدولها الزمني يوم 25 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وشدّد بنداري على أن “الهيئة لن تتهاون بأي شكل من الأشكال في اتخاذ كل الإجراءات، وتطبيق أحكام القانون، تجاه أي شخص أو مؤسسة تحاول أن تشكك في شفافية ونزاهة عمل الهيئة الوطنية للانتخابات”، مطالبا وسائل الإعلام بالالتزام بالحياد والموضوعية وضوابط الهيئة.
وكان من المفترض أن تنتهي الفترة الثانية والأخيرة للسيسي في السلطة خلال حزيران/ يونيو 2022، إلا أن النظام مرّر في عام 2019 تعديلات دستورية مثيرة للجدل، جعلت مدة الولاية الرئاسية 6 سنوات بدلا من 4، مع إبقاء تقييدها بولايتين، مع السماح للسيسي وحده بفترة ثالثة، ما يسمح له بالبقاء رئيسا حتى 2030.
سيناريوهات مفتوحة
من جهته، أكد القيادي في الحركة المدنية الديمقراطية المصرية (أكبر كيان معارض داخل البلاد)، سمير عليش، أن “كل المعطيات تؤكد استحالة استمرار نفس السياسيات والإجراءات الراهنة حتى العام 2030، كما أن جميع المؤشرات تؤكد بشكل قاطع أن السيسي سيخوض الانتخابات، وبالتالي فنحن أمام معضلة صعبة ومُعقدة للغاية”.
وأضاف القيادي سمير عليش، في تصريح خاص لـ”عربي21″، أن “المشهد المصري منفتح على كل السيناريوهات أيّا كانت طبيعتها، والمفاجآت يمكن أن تحدث في أي وقت خلال الفترة المقبلة؛ فالموقف متأزم جدا على المستويات الاقتصادية والسياسية والحقوقية والاجتماعية والإعلامية”.
وتابع: “لأول مرة بدأ يتشكل هناك تيار شعبي قوي غاضب ورافض لما يجري في البلاد، وهذا التيار الشعبي سيتطور ويتبلور لاحقا إلى تيار سياسي وطني جامع، وحتما سيحدث هذا التيار (الشعبي والسياسي) تغييرات ملموسة في مرحلة ما، سواء اليوم أو غدا، ولذا يمكننا القول إن قطار التغيير قد بدأ في الانطلاق، وسيصل إلى أهدافه محطة بعد الأخرى”.
ورأى عليش أن “اندلاع ثورة 25 يناير 2011 بهذا الشكل كان مفاجأة بالنسبة للكثيرين، والتغيير الذي سيحدث قريبا في مصر سيكون مفاجئا أيضا بالنسبة للكثيرين، لكن الأهم أن نكون جاهزين ومستعدين لما بعد هذا التغيير، حتى لا تتكرر أزمة كيفية التعاطي مع المشهد السياسي عقب اندلاع ثورة يناير”.
ولفت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير معصوم مرزوق، في مقابلة سابقة مع “عربي21″، إلى أنه لا يمكن استبعاد حدوث مفاجآت بالمشهد المصري؛ فالأحداث السياسية “تشبه أحيانا حوادث السيارات؛ فقد يبدو كل شيء يتحرك في اتجاه معين دون أي مشاكل، فيطرأ حدث أو حادث أو مجموعة حوادث مُخطط أو غير مُخطط لها.. كل ما أرجوه أن تكون تلك المفاجآت سارة لشعبنا الطيب”.
مستويات التغيير
بدوره، توقع مؤسس “تيار الأمة”، محمود فتحي، “حدوث مفاجآت في مصر على أكثر من مستوى: الأول يتمثل في تغير تماسك جبهة السيسي الداخلية؛ حيث إن الكثيرين الآن يدركون الفشل الاقتصادي الخطير والغضب الشعبي الواسع الذي يجتاح البلاد، وهو ما سيكون له ارتدادات ملموسة خلال الفترة القليلة المقبلة”.
أما المستوى الثاني، من وجهة نظر فتحي، فهو “تغير تمسك الداعمين الإقليميين بالسيسي، خاصة السعودية، وتراجع الإمارات وقطر عن الدعم الاقتصادي الذي وعدا به”.
كما نوّه، في تصريح لـ”عربي21″، إلى “وجود تغير في سقف المعارضة داخل البلاد؛ حيث ارتفعت أصوات معارضة الداخل بشكل نادر، من خلال الحديث في ملفات حقوقية واقتصادية وسياسية كانت من المحرمات سابقا، وهو أمر له دلالة رمزية كبيرة”، منوها إلى “ظهور بوادر توافق في المواقف بين شخصيات مختلفة من معارضة الداخل والخارج”.
وأردف مؤسس “تيار الأمة”: “هذا التغيير على المستويات الأربعة يعطي أملا بأن التغيير بات ممكنا وواقعيا مع سقف الانتخابات الرئاسية المقبلة، بينما لا أقول بالضرورة إن هذه المتغيرات ستؤدي إلى تغيير السيسي، لكنها تؤكد أن التغيير صار ممكنا وقريبا لو استمرت الأمور في نفس اتجاه هذه التغيرات التي نشهدها لأول مرة”.
حراك شعبي محتمل
في السياق ذاته، قال عضو مركز العلاقات المصرية الأمريكية أمين محمود، في تصريح لـ “عربي21”: “لا يمكنني التنبؤ بحدوث أي نوع من المفاجآت في مصر قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكني أتوقع تزايد الشائعات والأكاذيب التي تظهر من وقت لآخر، وهي في الغالب من صنع النظام، حيث إنها تساعده على إحباط العديد من النشطاء، وكذلك لإظهار قوة النظام”.
واستشهد بالتصريحات الأخيرة التي قالها المتحدث باسم “التيار الليبرالي الحر”، والتي أعلن فيها دعمه وتأييده لترشح رئيس الأركان السابق الفريق محمود حجازي في الانتخابات الرئاسية، على اعتبار أنه الرئيس الأمثل لإنقاذ مصر في المرحلة القادمة.
وأردف: “ما قيل بخصوص محمود حجازي جرى تداوله سابقا على أساس أن هناك توجها داخل القيادات العسكرية لاختيار مرشح عسكري آخر غير السيسي، ولذلك لا تؤخذ تلك التوقعات على مأخذ الجد، لأن السيسي ما زال مُسيطرا إلى كبير جدا على القوات المسلحة، وهو لن يتنازل عن الرئاسة لأي فرد مهما كان، لأنها ستكون نهايته”.
وزاد محمود: “من الواضح أن الوقت كثيرا قد تأخر في الإعلان عن تفاصيل وموعد الانتخابات الرئاسية، ويبدو ذلك مُتعمدا؛ لإرباك الجميع، خاصة المرشح أحمد الطنطاوي، وهو المرشح الجاد الوحيد إلى الآن، والذي بدأ في عرض برنامجه الانتخابي، ولذلك نشاهد هجوما عليه من أذرع النظام في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي”.
وختم محمود بقوله: “المفاجأة التي انتظرها هي حدوث حراك شعبي نتيجة الظروف المزرية التي يعيشها المواطن المصري، واقتناع الكثيرين برؤية أحمد الطنطاوي؛ فمن الممكن أن نشاهد خروج جماهيري قبل الانتخابات أو حتى بعدها؛ احتجاجا على فشل النظام في كل الملفات، وعلى تزوير الانتخابات، كما حدث قبل اندلاع ثورة يناير2011”.