هل يجدي سلاح المقاطعة مع “جوجل” و “أبل” ؟

هل يجدي سلاح المقاطعة مع “جوجل” و “أبل” بعد مغازلتهما الكيان الصهيوني على حساب فلسطين؟!
نورس قطيش

أثار حذف “جوجل” و “أبل” فلسطين من خرائطهما غضب الكثير على منصات التواصل الإجتماعي، حيث سجّل الكثير غضبهم ما بين الصور والكلمات، واكتفى البعض الآخر بالمراقبة -مثلي-، حتى كتابة هذا المقال.
يأتي هذا الإجراء من الشركتين ضمن سلسلة الاجراءات التي تدعم الكيان الصهيوني بفرض سيطرته الكاملة على فلسطين، آخرها قرار ضم غور الأردن، والمؤيَد من الرئاسة الأمريكية الحالية، التي تدعم وبشدّة إجراءات كيان العدو باحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية وتحويل الضفة الغربيّة لكانتونات بشرية أشبه بحصار غزّة الكامل.
تلك الشركتان تمثلان توجه بلادهما في دعم الكيان الصهيوني إزاء الإجراءات التعسفيّة في فلسطين، رغم التنديد الدولي والشعبي لآخر سلسلة الإجراءات تلك؛ ضمّ غور الأردن.
قيام الشركتان بحذف “فلسطين” من الخرائط لا يتعدى حدود المغازلة للكيان الصهيوني تنفيذاً لرغبات سيّدهم “ترامب”، رغم ما تخفيه بواطن هذا الفعل من عداء تجاه المنطقة برمتها وصراع على ثرواتها وطمس هويتها وحضارتها. مع هذا الإجراء الوهمي والبعيد عن الواقع الذي لن يطمس من حقيقة فلسطين التاريخية وارتباطها الجذري بالأرض والمقدسات، يكتفي العرب بحدود التظاهر الالكتروني وشغب السوشال ميديا كتنديد بهذا العمل!
“جوجل” و “أبل” لا تختلف كثيراً عن أخواتها من الشركات الداعمة لكيان العدو، والتي لم تلبث أن تزداد وتكبر بدعمها وتبرعها السخي للاحتلال الصهيوني، مع ازدياد أعداد الاحتجاجات الإلكترونية والتي لم تتعدى حدود العالم الافتراضي، رغم تقدّمهم علينا في الواقع مما يجعلنا متأخرين كثيراً.
لطالما كتبت عن خيار المقاطعة كسلاح فعّال ضدّ تلك الشركات التي لم تخجل لحظة من سوقها العربي الذي تتنازع عليه؛ باعتباره سوقاً استهلاكياً مربحاً. بالتحدّث عن سلاح المقاطعة هذه المرّة، سيكون مختلفاً عن السابق كشركات الأغذية والمشروبات والملبوسات التي نستطيع الاستعاضة عنها بمنتوجات أخرى من شركات لا تدعم الكيان. تعتبر “جوجل” و “أبل” من كبرى الشركات التقنيّة التي لن نستطيع الاستغناء عنها بسهولة؛ لسيطرتها وولوجها بحياتنا مع الحاجة الماسّة لبقاءنا على تواصل مع العالم لإتمام الأعمال في ظلّ جائحة كورونا التي زادت من الأمرّ أهميّة.
للتحدّث بواقعية وجعل خيار المقاطعة سلاح فعّال ذو أهمية مع تلك الشركات، يجب البحث عن بديل عملاق يتحدّى ويتعدى قدرة تلك الشركات بطرح منتج يضاهي منتجاتهما للإستعاضة عنهما، لجعل المقاطعة سهلة التطبيق. والبديل هنا موجود؛ التنين الصيني الصاعد من الشرق، والبديل الأول عن تكنولوجيا الرأسمالية، حيث تشتعل الحرب الإقتصادية عليه من حصار وفرض للعقوبات يشنّها المعكسر الإمبريالي المتغطرس، للحدّ من المدّ الصيني المقاوم للانحسار الغربي.
على القوى التي تنادي بدعم فلسطين وتنديد الكيان الصهيوني ليلاً نهاراً، عدم الاكتفاء بحدود الكلام ونقل المعركة على أرض الواقع للتقدّم على الخصم، واستخدام سلاح المقاطعة كمدفع بوجه قوى الرأسمالية العولمية والتوجّه للمشرق نحو الصين المتنامي، للتخلّص من الهيمنة المفروضة علينا من الاستعمار الغربي المقنّع، وإعادة الموازين في العالم ككل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى