هل يتسع #الفراغ لمزيد من #الغبار ؟
#محمد_طمليه
هدموا بيت عجوز في ” جنوب لبنان”..
توقعت كل شيء ، كل شيء .. ولكن لم يخطر لي ابدا ان اتمادى في الوقاحة الى حد البكاء علنا .. ماذا يقول رجال الانقاذ عني ؟ انا عاجز عن إبداء حركة مدروسة من شأنها أن تخدعهم . اعني ان توحي لهم بانني ذرفت ” دمعة فرح ” احتفالا بنصيبي من الخراب.
لست حزينا إلى هذا الحد . كل ما في الامر أنني غدوت وحيدا بلا عائلة .. ووحيدا بلا أقارب .. ووحيدا بلا مأوى..
لست حزينا إلى هذا الحد ، بل ان خسارتي سخيفة مقارنة مع خسارات الاخرين : لقد خسرت ” مجرد حياة ” كانت عبئا منذ أن قيل إن المولود ذكر ، فزغردت امرأة زفت البشرى إلى ابي في ” الحاكورة ” . واطلق احدهم رصاصة في الهواء . واكل رجال الحي لحما طبخته جدتي .
المولود ذكر ، وباعتباره كذلك ، فإن من العيب عليه أن يجابي دمعة خائنة ظل يمسكها طوال العمر . ومن العيب عليه أن يستسلم لوهن طارىء . ومن العيب عليه أن يسأل : اين اذهب ؟
لا تحزن ، فثمة شاغر في الزحام ، وثمة عتمة سوف لا يزعج سكانها الاصليين نزيل اضافي بلا ملامح ، وثمة ضجيج سوف لا يفقد ايقاعه الرتيب باضافة نغمة نشاز ناجمة عن خطوات تائهة في ليلة ماطرة ، وثمة فراغ يتسع للمزيد من الغبار الرخيص .
انا لا الوم أحدا ، قد الوم نفسي لانني لم أدرك ، منذ البداية ، ان الحياة كذبة كبيرة… او انها حيلة غير متقنة انطلت علينا بعلمنا..
سأنهض الان ، وساحاول ان ابدو متماسكا ، واذا سألني احدهم : اين تمضي ؟ سابتسم فقط ..