سواليف
أثارت #التعديلات_الدستورية الجديدة جدلا كبيرا في #الأردن، خصوصا ما يتعلق منها بالمرأة وتحقيق المساواة “المطلقة” بينها وبين الرجل، الأمر الذي دفع نشطاء ومراقبين للتساؤل إن كانت استجابة لـ” #إملاءات #دول_غربية_ممولة للدولة”.
وأقرّ #مجلس_النواب الأردني، الخميس، مشروع #تعديل_الدستور، بأغلبية 104 أصوات من أصل 112 نائبا، وذلك في إطار “الإصلاحات” الجديدة التي أوصت بها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وأقرتها الحكومة، وأرسلتها إلى مجلس النواب لاعتمادها.
واشتملت التعديلات على إضافة كلمة “الأردنيات” إلى البند الأول من المادة السادسة من الدستور، التي نصها: “الأردنيون أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”.
وأقر المجلس أيضا إضافة فقرة سادسة للمادة السادسة، ونصها: “تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع، بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف، وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز”.
وطُرحت في الصالونات السياسية الأردنية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تساؤلات حول دور الدول الممولة في صياغة بعض بنود الدستور الأردني، وإلى أي حد تخضع الحكومات المتعاقبة لاشتراطات هذه الدول؟ وهل لهذا التمويل تأثير على القرار السياسي للدولة؟ ولماذا لا تنعكس ضغوط الممولين على حرية الرأي والتعبير، وتشكيل حكومة برلمانية، وفرز قانون انتخاب عادل؟
وكان وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الأردني، موسى المعايطة، قد قال أثناء مناقشة مجلس النواب للمادة السادسة، إن إضافة كلمة “الأردنيات” جاءت لتكريم المرأة، واحتراما وتقديرا لها، ودون أن يترتب على ذلك أي أحكام، رافضا اتهامات نيابية برضوخ الأردن لضغوطات تمارسها مؤسسات مانحة لتمرير هذا التعديل.
ولفت المعايطة إلى أن “ما جرى خلال السنوات السابقة من رفض الأردن مختلف الضغوطات السياسية، يدلل على أن الأردن لا يرضخ لأي ضغوطات”.
“لا مساعدات بلا اشتراطات”
لكن الكاتب والمحلل السياسي، منذر الحوارات، يرى أن “الأردن، كغيره من الدول التي تتلقى المساعدات، لا يمكن أن يكون حرا في قراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
وقال ، إن “الدولة الأردنية قد تناور بين قوة الدول الداعمة وبين مصالحها، لكنها ستبقى دائما تحت ضغط هذه الدول”، مضيفا أنه “حتى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لا يمنحان قرضا دون اشتراطات، والتي منها تخليص الدول المقترضة من أسلوب حياة ريعي، وتغيير نمط الثقافة باتجاه ما يتفق مع النموذج الغربي”.
ولفت الحوارات إلى أن “الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أكد فيما يُعرف بخطاب القسم عند استلامه الرئاسة، أن المساعدات الأمريكية سترتبط بمدى التزام الدول بتنفيذ بنود حقوق الإنسان التي تعتمدها الولايات المتحدة، ومن ضمنها ما يتعلق بالمثلية الجنسية”.
وأضاف: “بالتالي؛ فإن القول بأن المساعدات والدعم الخارجي لا يترافق مع ضغط سياسي اجتماعي اقتصادي؛ مقولة عبثية، لا تتطابق مع واقع الحال في علاقات الدول بين بعضها البعض”.
وقسا الحوارات على القائلين بأن إضافة كلمة “الأردنيات” في المادة السادسة من الدستور أمر شكلي، قائلا إنهم “لا يدركون الواقع المحلي، ولا الواقع الدولي”، مؤكدا أن “الدولة العميقة لا تضع نصا أو كلمة في الدستور إلا إذا كانت مرتبطة بمشروع مستقبلي، حتى لو لم تُعرف معالمه بالتحديد”.
“لا أجندات غربية”
إلا أن المحامية نور الإمام، رأت أن إضافة “الأردنيات” لا يترتب عليها “شيء”، و”لن تؤثر على قانون الأحوال الشخصية”، مشيرة إلى أن “نص دستور على حماية المرأة من كافة أشكال التمييز والعنف؛ هو تأكيد على أنها مواطنة كاملة الحقوق والواجبات”.
واستهجنت اتهام المطالبين بالمساواة بين المرأة والرجل بأنهم ينفذون أجندات غربية، مؤكدة أن ذلك “يمثل إساءة للحركة النسوية في الأردن، واتهاما مباشرا لها بأنها حركة غير وطنية”.
وأضافت أن “مطالب الحركة النسوية ليست أمرا جديدا ولا حادثا، فهي قد بدأت مع بداية الدولة الأردنية”، مشددة على أن “الحركة الحقوقية للمرأة تقف مع جميع المطالب الوطنية الأردنية التي تؤكد على استقلال البلاد”.
وحول اتهام المنظمات النسوية بأنها تتلقى تمويلا من دول غربية؛ اكتفت الإمام بالقول إن “الدولة الأردنية نفسها تأخذ تمويلا، وأي تمويل يصل هذه المنظمات يمر عبر قانون الجمعيات الذي يمنحها هذا الحق، وتتم الموافقة عليه من قبل رئاسة الوزراء”.
وجهة الدول الممولة
وفي المقابل؛ قال الناشط السياسي خالد الجهني، إن “آلاف الدنانير أنفقت على ورشات أقامتها منظمات ممولة خارجيا، وبعضها منظمات أنشطتها ممولة رسميا، من أجل الترويج للتعديلات الدستورية المتعلقة بالمرأة”.
وأضاف ، أن “الدول الممولة التفتت إلى موضوع المرأة لأنه يشكل مدخلا لتغيير وجه المجتمع الأردني، ثم تغيير دينه”، مؤكدا أن “هذه الدول لم تبدِ في الوقت ذاته؛ الاهتمام اللازم إزاء إحداث أي تعديلات دستورية تصون حريات المواطنين بشكل عام، وتضمن نزاهة الانتخابات وعدالة قانونها”.
وأوضح أن “التعديلات الدستورية التي رغبت بها الدول الممولة، ستحدث صداما دستوريا-دستوريا، ونزاعا بين نصوص القوانين والنصوص الدستورية، وستفتح الباب للطعن في كثير من القوانين، وقد يطال ذلك التشريعات المستمدة من الشريعة الإسلامية، كقانون الأحوال الشخصية”.
وحول تأثير الدول الممولة على التعديلات الدستورية المتعلقة بالمنظومة السياسية للأردن؛ رأى الجهني أن تلك الدول لا علاقة لها بهذه التعديلات، مشيرا إلى أن “ما جرى هو أن الأجهزة العميقة في الدولة استثمرت فتح الدستور في تعزيز سلطتها وهيمنتها على المشهد العام في الأردن، متسترة بغطاء الملك”.
ويؤيد الكاتب الحوارات ما ذهب إليه الجهني، قائلا إن “الدول الغربية تصدع رؤوس الشعوب بالحديث عن #الديمقراطية، لكنها لا تضغط على الأنظمة الديكتاتورية باتجاه إيجاد ديمقراطية حقيقية؛ تنتج منظومات سياسية حرة غير خاضعة لأي طرف”.
وأضاف أن “الغرب لا يزال يمارس ازدواجية عجيبة فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان، فهو من جهة يتغنى بالحريات وحقوق الإنسان، وفي المقابل يدعم الدكتاتوريات ويعزز مكانتها؛ لأنه يرى أنها تلائم مصالحه، وتلبيها أكثر من أي نظام آخر”.