هل حان الوقت لسحب أموالنا من الضمان ..؟
كتب .. مشترك في الضمان الاجتماعي
بعد عدة سنوات من الإشتراك الإختياري في الضمان ، وصلت إلى قناعة أنه تضييع للمال والوقت وأنه لو استثمرت هذا المال في أي مشروع آخر لحصلت على عائد أعلى وخلال فترة زمنية أقصر. فقررت الذهاب إلى أقرب مكتب للضمان الاجتماعي وقلت لهم أنني أريد سحب ما دفعته ،أجابني الموظف بكل بساطة: تعال بس يصير عمرك 60 مش هسه.
كنت وقتها في بداية الثلاثين، فصعقت من جواب الموظف وقلت له: بتحكي جد ولا بتمزح ؟؟
قال: أنا ما بمزح مع حد. تعال بعد ثلاثين سنة عموو.
هنا شعرت أنني وقعت في الفخ، فأي صندوق أو مشروع في العالم بإمكانك أن تسحب منه مدخراتك في أي وقت، ربما تخسر جزء لكنك لن تخسر كل ما ادخرته. ولكن يبدو أن الضمان الاجتماعي يلعب معنا بقوانين خاصة تناسبه هو وحده، وليذهب المشتركون إلى الجحيم. الصراحة كنت بحاجة إلى مدخراتي لأنني كنت بدون عمل، ندمت أشد الندم فلو كنت ادخرت في البنك لاستطعت سحب مالي بدون مشاكل بل ربما مع الفوائد أيضا.
بعد فترة عثرت على عمل، ورضخت للأمر الواقع ورأيت أن أستمر في الإشتراك الإختياري على ألا أزيد قيمة الراتب المسجل في الضمان. (( ولذلك فإن راتبي في الضمان ثابت وهو أقل من 300 دينار منذ أكثر من خمسة عشرة سنة )).
بعد سنوات من تلك الحادثة لاحظت أن ملفي في الضمان مازال في مدينة الكرك، والتي منها اشتركت لأول مرة، فطلبت من الموظف من إحدى فروع الضمان في عمّان أن ينقل ملفي من الكرك إلى عمّان. فأجابني بكل ثقة: روح إنت جيبه.
سألته لماذا لا يتم نقل الملف داخليا، فقال: إحنا ما بن نقل ملفات حدا.
حاولت أن أجادله، فقال لي: مش عاجبك إطلع فوق. (( يقصد الإدارة )).
صعدت إلى الإدارة، هناك قابلت المسؤولة، والتي يبدو أنها أعلى رتبة من الموظف في الطابق الأسفل، شرحت لها الوضع وبأنني لا أستطيع الذهاب إلى الكرك فقط لإحضار ملف.
أجابتني بكل برود أعصاب: إحنا ممكن نساعدك وننقلك الملف بس مش مسؤولين إذا ضاع في الطريق.
هنا تحول شعوري من الغضب إلى الحزن والشفقة على هؤلاء الموظفين، فهم لم يسمعوا بعد بالحوسبة السحابية Cloud Computing وأن الشركات والمؤسسات في كل دول العالم صارت تخزن معلوماتها وملفاتها على “سحب” تتيح للمستخدم الإطلاع عليها من كل مكان وزمان، لا أعاتب ذلك الموظف البسيط ولا ألومه ولا تلك المديرة التي وصلت إلى ذلك المنصب إما بالواسطة وإما بالأقدمية حيث يتم عد السنوات فقط كأي جهة حكومية أخرى. ولكن وجهت اللوم إلى نفسي فقط، كيف وضعت مدخراتي عند هؤلاء الأشخاص ؟؟ هذا الموظف لو قدم لي سيرته الذاتية في الشركة التي أعمل فيها في السعودية فلن أعطيه أكثر من 700 ريال، تقريبا أقل بقليل من راتب الفرّاش البنغالي الذي يحضر الشاي والقهوة.
سؤال آخر طرأ على بالي: كل فترة نسمع بخبراء وعظماء وجهابذة يتم تعيينهم في الضمان على أساس “الكفاءة” و “الخبرة” ، أين هم من التطوير الإداري؟؟ هذا الموضوع يمكن حله من مبرمج نشيط، وربما يكون مشروع تخرج لأحد الطلبة من قسم الحاسوب. لا نحتاج إلى مجلس إدارة وخبراء هبطوا بالباراشوت.
الآن ما الحل؟ وما هي الخطوات العملية التي يجب أن يقوم بها المشتركون فورا :
أولا: إذا كنت مقيم في الخليج فلا تنتسب إلى الضمان الإختياري، لأنه على الأغلب في الوقت الذي تصل فيه سن الضمان تكون هذه المؤسسة قد تبخرت من الوجود وأنفقت كل مدخراتها ورأس مالها في رواتب الإدارة العليا.
ثانيا: إذا كانت زوجتك لا تعمل فلا تفكر أبدا أن تفتح لها حساب في الضمان، بل افتح لها حساب بنكي وضع فيه مبلغ بسيط شهريا، هذا المبلغ سوف يزيد مع الوقت وتأخذ عليه فوائد وتستطيع سحبه وقت الأزمات.
ثالثا: إذا كانت مشترك في الضمان الإختياري من سنوات طويلة ولا ترغب في قطع اشتراكك فعلى الأقل لا تزيد قيمة راتب الضمان حتى لا يزيد عليك القسط الشهري، فربما تفلس مؤسسة الضمان في أي لحظة، فلو كانت خسارتك هي 50 دينار شهريا، فإن هذا أفضل من خسارة 200 دينار شهريا.
رابعا: إذا كنت مشترك من سنوات بسيطة مثلا سنتين أو ثلاث سنوات، فمن الأفضل أن تنسحب من الضمان من الآن، لأنه على الأغلب وقت تقاعدك سوف تكون مؤسسة الضمان جزء من التاريخ. ادخر أموالك في البنك بفائدة 3 أو 4 بالمائة أفضل لك. أنا أنصحك أن تعمل ملف إكسل بسيط وتقارن فيه بين الإدخار في الضمان والإدخار في البنك بفائدة 3 بالمائة فقط.
قبل فترة قامت مؤسسة الضمان بإرسال بعض الموظفين لعمل دعاية للإشتراك الإختياري لإقناع الأردنيين المقيمين في الدول الخليجية بالإنتساب لها، كانت فرصة جميلة للإلتقاء مع بعض الأحبة من الوطن الحبيب، ولكن عند انتهاء الندوة الدعائية كان الجميع تقريبا مدرك أن الضمان كمؤسسة في طريقها إلى الزوال قريبا، ولن يستطيع أحد من المشتركين أن يفتح فمه أو أن يطالب بحقه، فرأس المال تبخر في مشاريع فاشلة وفي خبراء جهابذة غير قادرين فنيا ولا إداريا على نقل ملف من الكرك إلى عمان !!!