هل استسلمت الحكومة لصندوق النقد؟
لا يمكننا الجزم بنتائج مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي الجارية على قدم وساق، والتي اوشكت على النهاية، ولا نعرف كم تمكنت الحكومة من “بطح” الصندوق وشروطه.
الخلاف متركز على قصة اعفاءات الافراد والاسر، فالصندوق يلح بالابقاء على صيغة قانون حكومة الملقي، والرزاز يريد الخروج من عباءتها.
قانون الضريبة مسألة كبيرة لا يستهان بها، فهو لم يعد مجرد قانون اقتصادي جائر او عادل، بل هناك رمزية تغلفه عنوانها انه اسقط حكومة وجاء بأخرى.
نتائج معركة الحكومة مع الصندوق ما زالت مجهولة، لكن هناك تسريبات تقول ان الحكومة استجابت لكثير من رغبات الصندوق، وتستعد لمعركة اخرى مع الشارع والنواب.
وللامانة، الحكومة في موقف لا تحسد عليه، فهناك شارع ونقابات تنتظر، وفي الجانب الآخر هناك مجلس نواب يرى في القانون امتحانا شعبيا سافرا لا يمكن الهروب منه.
اما في خلفية الصورة فهناك التوافقات مع صندوق النقد الدولي المتشدد في هذه المرة بشكل غير مسبوق، والذي لا يمكن القفز عن إرضائه دون كلف اقتصادية مؤلمة.
من هنا نفهم تردد الحكومة في التعامل مع القانون، فالخطوة دقيقة وحساسة وضرورية في ذات الوقت، وباعتقادي ان الاستعانة بصديق بات ممرا الزاميا لحكومة الرزاز.
الغريب اننا نفتقد في الاردن الى مفهوم “المفاهة السياسية”، فكل الاطراف تهز رأسا عارفة ومقدرة للظرف الاقتصادي الصعب، لكنها “شعبويا” ترغب بعدم تحمل المسؤولية.
الطبقة العليا الغنية، والطبقة المقتدرة، عليها ان تكون الاكثر تفهما للمأزق ولدقة الظرف، النقابات كذلك، فخيارنا ان نتشارك المغرم والمغنم، وان نعبر ازمة لا تشبهها ازمة سابقة.
في هذا السياق، انصح الرزاز ان يكون شفافا مع الناس، يحدثهم بصراحة، يبتعد عن العموميات، وكذا انصحه ان يتخشن مع الفساد والترهل والمحسوبية، فتلك بتلك قد توازن ردود الفعل.
لا يقلقني ان مفاوض صندوق النقد الدولي، رئيس البعثة الى الأردن، مارتن سيرسولا الذي يراجع قانون ضريبة الدخل، هو ذاته من كان يفاوض اليونان قبل إعلان افلاسها، لكن ما يقلقني ان نظل بلا خطة حاسمة.