هات تا أخبيّهن معي أحسن ما يضيعن منّك
رائد عبدالرحمن حجازي
أيام #الأعياد وبعد أن يتلقف ذاك #الطفل عيديته من قريب أو صديق للعائلة يتدخل فوراً #ضابط_الإدارة وعادةً ما يكون #الأب إذا كان الطفل ذكراً و #الأم إن كانت طفلة ، فبعد خلو المكان من ذلك الضيف تبدأ عملية الاستفراد بالضحية والمُفاوضات الفورية بينهما والتي كان يغلُب على تلك المُفاوضات طابع القوة والعنف أحياناً .
“أخبيّهن معي أحسن ما يضيعن منّك ” بهذه الجملة كانت تتم عملية انتقال #الأموال من يد الطفل للملاذات الآمنة وبكل سلاسة لمن هم دون سن الرابعة أما بعد هذا العمر فيزداد الطفل وعياً حيث يُصبح إدراكه لقيمة النقد أكثر وهنا تكون عملية إقناعه بالتخلي عن هذه الأموال أصعب . والصعوبة هنا معنوية وليست مادية كونه بهذا العمر يكون الطفل قد تعلم الكلام ولو أنه غير مُتقن إلا أن نشر خبر مصادرة أمواله سينتشر كالنار بالهشيم بين الناس ، فكلما حل بمكان أو منزل لن يمنعه أحداً من البوح بما فعله به الأهل وربما يكون مُتلقن الخبر هو نفس الشخص الذي أعطاه تلك النقود .
لذلك يلجأ الأهل لطُرق أُخرى لسلب المبلغ من الأطفال وهنا تبرز نظرية العصا والجزرة ، فبعد وعيد الأهل بأن يأخذانه لأماكن ترفيهية أو شراء ما يشتهيه من السكاكر والمكسرات وغيرها تبدأ مرحلة التهديد إذا لم يستجيب الطفل للوعيد وهذه المرحلة يُعتبَر وقعها أكثر إيلاماً عند الطفل كونها مرحلة تعذيب وعقاب نفسي والتهديد غالباً ما يكون من حرمان للمصروف أو المشتريات أو حتى حرمانه من مرافقتهم لبعض الزيارات .
حسب علماء النفس تُعتبر مرحلة التهديد الأشد خطراً على الطفل والمجتمع معاً لأنه بعد تكرار الوعيد الكاذب والتهديد المتكرر وعدم تحقيق أي نتائج ملموسة عند ذلك الطفل ستتولد عنده نزعة عدوانية قد ترافقه طيلة فترة حياته ناهيكم عن فقدان الثقة بمن حوله .
وبذلك يكون الأهل قد رفدوا المجتمع بأشخاص سلبيين غالباً ما يكون تصنيفهم مستقبلاً ضمن دائرة الإجرام والفساد .
لذلك وبعد أن مضى من عمري خمسة عقود ونيف ورأيت العجب العُجاب من حكومات ضريبستان أقول لهم : (خليّهن يضيعن وبديش أخبيّهن معكوا) .