ترأس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن #الصفدي، اليوم، وفد المملكة الأردنية الهاشمية الذي قدم #مرافعة المملكة الشفوية أمام #محكمة_العدل_الدولية بخصوص الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من المحكمة بموجب القرار رقم ٧٧/٢٤٧ والذي صدر بتاريخ ٢٠٢٢/١٢/٣٠ بشأن “الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها #القدس الشرقية”.
وبدأ الصفدي مرافعة المملكة الشفوية، وتالياً نص مرافعته: “بسم الله الرحمن الرحيم،
السيد الرئيس، أعضاء المحكمة، أقف أمامكم اليوم بينما تتبدى شرور #الاحتلال الإسرائيلي دموية ولاإنسانية. يستعر العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي رأت محكمتكم الموقرة أنه يستوجب تحقيقاً في ارتكابه إبادة جماعية. يزهق هذا العدوان آلاف الأرواح، يدمر حيوات أكثر من مليونين وثلاثمئة ألف فلسطيني يعانون قهر الاحتلال من قبل أن ييدأ. نصف مليون فلسطيني في الدرجة الخامسة من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، أي في أسوأ مراحل المجاعة. عددهم أكبر من كل البشر الذين يواجهون هذه المجاعة في العالم كله. في غزة، يموت الفلسطينيون قتلا ًمن العدوان الإسرائيلي، ويموتون جوعاً لفقدان الغذاء والدواء، اللذين تستمر إسرائيل في منعهم عن غزة، في خرق للقانون الدولي الإنساني، وفي تحد للإجراءات التدبيرية التي أمرت بها محكمتكم. هذا العدوان يجب أن ينتهي، وأن ينتهي فوراً. يجب أن يواجه مرتكبوه العدالة. لا يجوز أن تكون أي دولة فوق القانون. لكن إسرائيل لا تكترث، وسمح لها أن لا تكترث بالقانون الدولي. هذه حال لا يمكن أن تستمر. الاحتلال غير شرعي. الاحتلال لاإنساني. الاحتلال يجب أن ينتهي.
لم تتوقف إسرائيل عن العمل الممنهج لتكريس الاحتلال. تنكر من دون اكتراث الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني. وخطواتها الأحادية اللاشرعية تفرض حقائق جديدة على الأرض وتقتل فرص تحقيق السلام. الاستيطان، غير شرعي وفق القانون الدولي، يزداد عدداً، ويتوغل أوسعاً في الأرض الفلسطينية المحتلة. عدد المستوطنين ارتفع من ٢٨٠ ألف في العام ١٩٩٣، حين وقعت اتفاقيات أوسلو، إلى ٧٠٠ ألف اليوم، أي زاد بنسبة أكثر من ١٥٠ بالمئة. وإرهاب المستوطنين شر يتفاقم، ضحاياه هم الفلسطينيون الأبرياء وبيوتهم ومقدراتهم.
بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، إسرائيل ملزمة حماية المدنيين، والحفاظ على الإرث التاريخي والحضاري في فلسطين، وملزمة عدم فرض تغييرات ديمغرافية. لكن إسرائيل تخرق هذا الالتزامات. تفرض إسرائيل التغيير الديمغرافي في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ تدمر الإرث التاريخي والحضاري؛ تصادر الأرض الفلسطينية؛ وتطرد الفلسطينيين من بيوتهم وحقولهم وقراهم ومدنهم. وتعتقل إسرائيل الأطفال والرجال والنساء بشكل غير قانوني. تعذبهم جسدياً وعقلياً، تهينهم، وتعتدي عليهم. تخرق إسرائيل حق المسلمين والمسيحيين في العبادة. تحاصر الحكومة الإسرائيلية حق المسلمين في الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، ولا تفعل شيئاً يذكر لحماية رجال الدين المسيحيين من إهانات واعتداءات المتطرفين.
وعلى مدى عقود من الاحتلال، عملت إسرائيل على تغيير الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للأماكن المقدسة في القدس المحتلة.
السيد الرئيس، أعضاء المحكمة،
السلام حق لكل شعوب المنطقة. لكن لا سلام ما لم يزل الاحتلال. لا سلام من دون تلبية حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، عبر تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧ ، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وعبر اعتراف العالم بهذه الدولة.
السيد الرئيس، أعضاء المحكمة،
لم تنفك المملكة الأردنية الهاشمية تعمل من أجل السلام. فقد عانينا تبعات الصراع. نعرف قيمة السلام لنا وللمنطقة وللعالم. ونعرف أيضاً شرط تحقيق السلام: زوال الاحتلال، وتلبية حق الشعب الفلسطيني في العدالة والحرية والدولة. يجب تنفيذ حل الدولتين. ويجب الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبولها عضواً كاملاً في الأمم المتحدة. ومن أجل السلام، ومن أجل العدالة، لن يتزحزح الأردن في جهوده لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، والحفاظ على هويتها. تلك هي مسؤولياتنا إزاء المقدسات في ظل الوصاية الهاشمية التاريخية عليها، ودورنا الخاص نحوها.
السيد الرئيس، أعضاء المحكمة،
يقتل الفلسطينيون بالمئات في غزة والضفة الغربية كل يوم، لأن إسرائيل لا تحاسب على ما ترتكب من جرائم حرب وخرق للقانون الدولي. الأطفال يخضعون لعمليات جراحية من دون تخدير. هند، ست سنوات، أمضت أياماً محاصرة في سيارة مع جثث أقاربها المتحللة. وصلها المسعفون أخيراً. جيش الاحتلال قتلهم، وقتل هند.
السيد الرئيس، أعضاء المحكمة،
الوحشية التي عذبت هند وقتلتها واقع دائم تحت الاحتلال. لا بد لهذه الوحشية أن تنتهي. احكموا أن هذه الوحشية يجب أن تنتهي. احكموا أن الاحتلال، مصدر الشر كله، يجب أن يزول”.
وفي تصريحات صحافية بعد المرافعة، قال الصفدي “لا كلمات تصف بربرية هذا العدوان”، مشيراً إلى أن أكثر من تسعة وعشرين ألف فلسطيني بريء قتلوا؛ وإلى أن أمهات اعتصرن ألما ًبلا حول ولا قوة وهن يسمعن أنين أطفالهن يخبوا تحت ركام منازلهم التي دمرها العدوان؛ وإلى أن أكثر من مليون وسبعمئة ألف فلسطيني شردوا، ليواجهوا ذل العيش في ملاجئ اكتظت فوق سعتها.
كما قدم وزير العدل د.أحمد الزيادات مرافعة تضمنت ثلاثة أجزاء رئيسة، أولاها نظرة عامة عن الدور الذي لعبه الأردن والعائلة الهاشمية، والمسؤوليات التي أنيطت بهما في ما يخص المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس منذ ما يزيد عن ١٠٠ عام. والجزء الثاني منها تضمن نبذة عن الانتهاكات الإسرائيلية في الأماكن المقدسة، والتي جاء تفصيلها في ما يزيد عن ٣٠٠٠ صفحة تم تقديمها للمحكمة. والجزء الثالث تناول تبعات هذه الانتهاكات الإسرائيلية.
وأكد الزيادات أن الاعتداءات الإسرائيلية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية تنتهك مبادئ القانون الدولي، بما فيها البند ٢٧ والبند ٥٣ من اتفاقية جنيف الرابعة، وعلى أن انتهاكات إسرائيل للوضع التاريخي القائم تهدد هوية الأماكن المقدسة وتشعل التوترات الدينية على النطاق العالمي وتخلق صراعات دينية.
وقدم المحامي الدولي المعروف السير مايكل وود، بالنيابة عن الفريق القانوني المختص، مرافعة المملكة القانونية التي تضمنت ستة محاور رئيسية قامت عليها محاججته القانونية، أكدت بأن الرأي الاستشاري الذي ستصدره المحكمة لن يقوض مفاوضات السلام كما يدعي البعض، وعلى وجوب أن تحترم إسرائيل حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. كما أكدت محاججته على أن سياسات وممارسات إسرائيل تنتهك قانون الاحتلال، وعلى أن ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة يشكل خرقًا خطيرًا للقواعد القانونية الأساسية، وعلى أن التشريعات والتدابير التمييزية التي تنتهجها إسرائيل تشكل خرقًا خطيرًا للقواعد الأساسية للقانون الدولي، مشدداً على أن الاحتلال بحد ذاته غير شرعي ويجب أن يتوقف.