موقف عمومي

#موقف_عمومي

د. #هاشم_غرايبه

عند الدعوة الى اتباع منهج الله كعلاج لما نحن فيه من استكانة وضعف وذهاب ريح، يذهب البعض الى الاعتقاد أن ذلك يعني ملازمة المساجد وكثرة الصيام وقيام الليل، فيقولون بل ما نحن بحاجة اليه التعلم والأخذ بناصية التقنية، فتلك هي الوسيلة الوحيدة للتقدم والنهوض وليس التدين.
في حقيقة الأمر فالدعوة الى اتباع منهج الله، يعني انتهاجه من قبل أولي الأمر، أي اتباع ما جاء به الدين على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أما الاستغراق في أداء العبادات والاكثار من النوافل فهي قضايا شخصية، تنفع الشخص لآخرته، لكنها لن تقدم ولن تؤخر في عجلة التقدم.
فعندما ينتهج نظام الحكم الاسلام، فذلك يعني العدالة والاستقامة، كبديل للواقع الحالي من الفساد والفشل الاداري نتيجة لتغليب المحسوبيات وسياسة العطايا بهدف تأليف القلوب حول الحاكم، وبالطبع فالاستقامة تعني اليد النظيفة، وعندما تصبح هذه سمة الحاكم، فلن تجد فسادا عند من هم دونه، مصداقا لقول علي بن ابي طالب لعمر: “يا أمير المؤمنين عففت فعفّوا، ولو رتعت لرتعوا”، وعندها ستصبح مقدرات البلاد مهما قلت، مجدية ومثمرة، لأن البركة تنميها، والأمانة تحميها.
ومنهج الله في التطبيق السياسي، بعني أن تنتهج السلطة العدالة ومصلحة الأمة وليس مصلحة الحاكم، وعندها ستتوجه حتما لدعم الكفاءات العلمية والادارية، بمقدار ولائها لعقيدتها وأمتها، لأن ذلك هو المعيار الحقيقي للإخلاص والإنجاز، وليس بمقدار التزلف والتسلق عبر تمجيد الحاكم أو المسؤول، عندها ستبدأ النهضة العلمية، وبها تتسارع عجلة التقدم.
وعلى صعيد المصلحة العامة للأمة، فلا شيء يحقق منعتها وقوتها غير وحدة ديارها، وعندما ينتهج نظام الحكم في كل قطر حكومة اسلامية، سيكون ذلك ايذانا بوحدتها جميعا في دولة جامعة، لأن الإسلام لا يجيز تعدد الأنظمة، بل يجب أن تنخرط جميعها في دولة مركزية، بغض النظر عن صورة هذه الوحدة، اندماجية كانت أم فدرالية.
السواد الأعظم من الأمة يحلمون بهذه الدولة، لكن من يتصدى لهذا الحلم ويحارب الدعوة له ثلاث فئات:
الأولى المنتمين للطوائف غير الاسلامية خوفا من أن الدولة الاسلامية ستحرمهم حقوق المواطنة، وتقع على الدعاة مسؤولية توضيح خطأ هذا الظن، وبأن الدولة الاسلامية ستحافظ على حقوقهم وبأفضل من الدولة االفاشلة الراهنة.
الثانية هم اتباع التيار اليساري (القومي والماركسي)، لأنهم يعتقدون أن اسلامية الدولة ستعزز فرص حزب الاخوان المسلمين الذي ينافسهم بقوة، والسؤال الموجه لهم، طالما تعتقدون أن التوجه الاسلامي لأي حزب هو ما يعزز شعبيته، لماذا لا تنتهجون الاسلام، وتستخرجوا ايديولوجيتكم منه، فتصبحوا اسلاميين أكثر من الاخوان!؟.
أما الثالثة فهي الطغم الحاكمة في بلاد المسلمين ورهطهم، فهؤلاء لا فرصة لهم إن كان الخيار حرا للشعوب.
نستخلص أنه مهما بحثنا، فلن نجد حلا لمشكلاتنا بغير اسلامية الدولة، وليس الاكتفاء بأداء شعائر الدين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى