
من يحاصر ويجوّع غزة … ؟!
المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة
ليس هناك ذلٌّ وعار وخزي أكثر من موت العشرات يومياً من أشقائنا جوعا وعطشا في #غزة ونحن في سكون الأموات نأكل ونشرب ونبحلق على جثث #الجياع وننام بملء جفوننا ، ربع مليون #شهيد وجريح سقطوا خلال العامين الماضيين على مرأى ومسمع 400 مليون عربي و ملياري مسلم ، جاهل وغبي من يظنّ أن #الكيان_العنصري_الصهيوني هو من يرتكب هذه #المجازر الوحشية وحيداً ! فما كان له أن يمعن في جرائمه لولا صمت ورضا ومشاركة البعض مباشرة في هذا القتل ّ وهي اصلاً من أسهمت وأوصلت القضية القضية الفلسطينية إلى مراحلها ومشاهداتها التي نعيشها اليوم بكل آلامها وأوجاعها ، ما يجري من مذابح في غزة لم يشهد له التاريخ مثيلاً وما وصلنا إليه أيضا غير مسبوق تاريخيا من الانحدار والانحطاط والتشرذم والسقوط الأخلاقي وانهيار منظومة القيم الاجتماعية والإنسانية والعقائدية في ظل أنظمة امتهنت التآمر منذ نشاط الحركة الصهيونية على ارض فلسطين ، إذْ لم تكن القضية الفلسطينية تعني للغالبية منهم إلّا بعض الجمل الإنشائية على الورق أو بضع كلمات وتصريحات حماسية في الإعلام ، المذابح الصهيونية في غزة فضحتهم بكل وضوح ، فكل ما قيل وكُتب من بيانات شجب وتنديد وقمم عربية وإسلامية واجتماعات وتصريحات كانت لتخدير الشعوب العربية والإسلامية وكسب الوقت لتمكين هذا الكيان من تنفيذ مخططاته ، ليس هناك أكثر وضوحا من حقيقة هذه الأنظمة كما نشاهدها اليوم – شعب يُذبح ويباد ولا مغيث ! مسرى نبينا يُدنّس ويأنّ ويصرخ ولا مجيب ، أليس فيهم من به نخوة المعتصم ؟!!!
إنّه التآمر على القضية الفلسطينية ليس اليوم فقط ! بل منذ ثلاثينيات القرن الماضي عندما أجهضوا الثورات الفلسطينية وغدروا بقادتها عبدالقادر الحسيني وعز الدين القسام وأمين الحسيني بوعود لم يحققوا منها شيئاً غير تمكين عصابات الحركة الصهيونية من استجلاب أكبر عدد ممكن من اليهود وتسليحهم انتظاراً لقرار التقسيم وإنشاء وميلاد الكيان العنصري الذي تعهدوا بحمايته وحماية أمنه واستقراره ما دامت عروشهم .
شعار ” نحن أولاً ” الذي تبنته غالبية أنظمة الحكم الاستبدادية بعد فشلها في تحقيق أية انجازات في الاستقلال والسيادة والحريات والتنمية والتطوير بأستثناء نجاحهم في بناء قدرات الأجهزة الأمنية وجعلهم المواطن يلهث وراء لقمة عيشه وغرسهم المذهبية والطائفية والعشائرية والمناطقية في أذهان شعوبهم مستعينين بذلك ببعض أصحاب العمائم واللحى الذين عدّلوا من معتقداتهم الدينية لتتلائم مع متطلبات الديانة الأبراهيمية لتضليل الشعوب ونشرهم الفساد وشراء الذمم ما هو إلا لشرذمة وتجزئة عالمنا العربي لعزل القضية الفلسطينية عن محيطها العربي وفضائها الأسلامي ، لذلك تآمروا على دول عربية مركزية وأشغلوا شعوبهم بمعارك وصراعات وانقسامات مذهبية وطائفية وعرقية أنتجت الدويلات القطرية العربية الهزيلة الضعيفة التي لا تقوى على قول كلمة لا للكيان العنصري ، للأسف دول دمرت بأسم فلسطين وملايين من الشباب العربي قتلوا بأسم فلسطين ، ولو أن هذه الدماء سالت لتحرير فلسطين لما بقي صهيوني واحد منذ عقود على أرض الأنبياء ، كل ذلك جرى ونفذ ليتسابق ولاة أمرنا أيُّهم أسرع وصولا لتل ابيب ، هؤلاء الذين اجتمعوا عدة مرات لنصرة فلسطين لم يتخذوا إجراءاً واحداً معاديا للكيان كقطع العلاقات والاتصالات والتنسيق الأمني وحظر الأجواء امام حركة الملاحة الجوية ولا حتى وقف التجارة والدعم اللوجستي ، ولا زالوا يستقبلون قادة الإجرام الصهيوني بالسجاد الأحمر وترفرف أعلامهم في الكثير من العواصم العربية ، وأصبحت مظاهر التضامن مع الشعب الفلسطيني في الكثير من بلداننا العربية جرائم يحاكم عليها القانون ، فماذا نسمي ذلك ؟!
الطغيان والأجرام الصهيوني في غزه وفلسطين ولبنان ما كان له أن يدوم لولا غياب الشعوب العربية بأحزابها ومؤسساتها المدنية وكل قواها عن النشاط السياسي والتأثير والفعل المباشر بما يرتبط بدعم ومؤازرة أخوتهم الذين يسطِّرون أعظم البطولات ، غفوة الشعوب وهزالة مواقفها هذه طمأنت الحكومات العربية من أية تهديدات ومخاطر جدية قد تنعكس عليها جراء عدم تنفيذها وتماشيها مع المطالب والحراكات الشعبية المؤيدة والمناصرة لغزه، لذلك نجد هذه الانظمة ماضية في غيها وفي تطبيعها وتسويقها لسراب سلامها والدعوة لديانتها الإبراهيمية الجديدة دون اتخاذهم ولو خطوة واحدة قد تسهم في وقف المجازر والمذابح والإبادة الصهيونية في غزة .
وأخيراً…من لا يقرأ التاريخ لن يدرك ويعرف معنى فلسطين ، فلسطين كانت ملتقى الحضارات ومحور الصراعات ، كانت وستبقى عربية لم ولن تركع ما دام هناك دم يجري في عروق رضيع فلسطيني جائع ، فلسطين كانت قبل 7500 عام من ميلاد المسيح ، فلسطين الكنعانية كانت قبل الميلاد ب 3000 عام ، وكانت تحت الاحتلال اليوناني قبل 300 عام من الميلاد ، وبعد الميلاد احتلها الرومان والصليبيون وغزاها المغول ودخلها العثمانيون واحتلها البريطانيون ، كلهم رحلوا وبقيت فلسطين العز والكبرياء ارض الطهر والانبياء ، آخر المحتلين كانوا البريطانيين الذين سلموها للحركة الصهيونية بموجب قرار التقسيم رقم 181 عام 1947 ، هؤلاء الصهاينة قتلة النساء والشيوخ والأطفال شأنهم شأن من سبقهم من غزاة … حتما سيهزمون ، هذه المذابح والجرائم هي مؤشرات هزيمتهم ، الجندي الصهيوني المتسلح بعصارة التطور التكنولوجي العالمي يُهزم ويجبن امام المقاتل الفلسطيني ، أرض المنّ والسلوى أصبحت ارض الرعب والخوف ، واحة الامن والأمان أصبحت أرض الموت ، من لا جذور له لن يعمر طويلا وسيهزم ويرحل وتبقى فلسطين من النهر إلى البحر حرة عربية مهما خذلها وتآمر عليها كل من باع ضميره وعقيدته وإنسانيته .