
من كلّ بستان زهرة -107-
قالَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مِنْ أشراطِ الساعَةِ الفحشُ، والتفحشُ، وقطيعةُ الرَّحِمِ، وتخوينُ الأمينِ، وائتمانُ الخائِنِ “. صحيح الجامع (5894)
قال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: “فالمؤمن يتباعد عن الفُحش في الكلام، ورديء الكلام: من ذكر الفواحش، والمعاصي، وقلّة الحياء، ويكون طيب الكلام، نزيه اللسان، ولا ينبغي له التَّقعر في الكلام بالمبالغة “.
أنواع الأصدقاء في أدق المعايير:
صديق منفعة.
صديق لذة.
صديق فضيلة.
الشرح:
صديق منفعة: وهو الذي يصادقك … ما دام ينتفع منك بمال أو بجاه أو بغير ذلك … فإذا انقطع الانتفاع … فهو عدوك لا يعرفك ولا تعرفه… وما أكثر هؤلاء، وما أكثر الذين يلمزون في الصدقات الذين وصفهم الله في القرآن الحكيم: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾
[سورة التوبة: 58]
…هذا صديق منفعة.
صديق لذة: يعني لا يصادقك إلا لأنه يستأنس ويستمتع معك في المحادثات والمسامرات.. ولكنه لا ينفعك ولا يريد أن ينفعك.. ليس إلا ضياع وقت فقط، هذا أيضاً احذر منه….
- صديق فضيلة: يحملك على ما يزين… وينهاك عما يشين … ويفتح لك أبواب الخير ويدلك عليه…
وإذا زللت ينهاك على وجه لا يخدش كرامتك.. وصديق الفضيلة هذا {عملة نادرة} يصعب الحصول عليها.
رزقنا الله وإياكم صديق الفضيلة وجعلنا جميعاً من أصدقاء الفضيلة.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما أعطي العبد بعد الإسلام نعمة.. خيراً من أخ صالح،، فإذا وجد أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به. وقالوا: الصديق الوفي هو من يمشي معك الى الجنة. وقال الحسن البصري: استكثروا من الاصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعة يوم القيامة. وقال الشافعي رحمه الله: إذا كان لك صديق فشدّ بيديك به، فان اتخاذ الصديق صعب، ومفارقته سهل. وقد كان الرجل الصالح يشبّه سهولة مفارقته الصديق، بصبي يطرح في البئر حجرا عظيما، فيسهل طرحه عليه، ويصعب اخراجه على الرجال ” …
وقال الحسن البصري: إخواننا أحبّ إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا … وإخواننا يذكروننا بالآخرة ومن صفاتهم: الإيثار وقال لقمان الحكيم لابنه: يا بني ليكن أول شي ء تكسبه بعد الإيمان بالله أخاً صادقاً …. فإنما مثله كمثل “شجرة ” إن جلست في ظلها أظلتك وإن أخذت منها أطعمتك… وإن لم تنفعك لم تضرك.
نحن على اعتاب عام جديد 2026 فالأيام تمرّ مرّ السحاب
اللهم نوّر قلوبنا بنور الإيمان وعقولنا بنور المعرفة
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بسوء ما عندنا
كل عام وأنتم بخير
نسأل الله أن نرى في العام الجديد الخير الكثير والفضل الجزيل…
لعلنا في مقتبل العام نكتب خططنا للعام القادم كلٌ بحسب توجّهه وتخصّصه، كالتالي مثلاً؛
١- حفظ ولو جزء واحد من القرآن.
٢- مراجعة المحفوظ من القرآن ولو كان يسيراً.
٣- حفظ الأربعين النووية ومن زاد فخير.
٤- قراءة أربعة كتب أو أكثر في العام الجديد.
٥- تبني عادات مفيدة (كالرياضة، والقراءة، الخ..)
٦- المواظبة على أذكار الصباح والمساء والأذكار المأثورة في جميع الأوقات (كالنوم وبعد الاذان وبعد الصلاة والأكل وغيره).
٧- الاستغفار وذكر الله كثيراً.
٨- تطوير مهارة معينة من خلال حضور دورات أو مشاهدة فيديوهات او غيره.
٩- من كان من أصحاب التخصص فعليه إفادة الأمّة بتخصصه واحتساب الأجر عند الله.
١٠- عمل صدقة جارية.
١١- الاشتراك بأحد برامج الكفالات لطلاب العلم او حلقات التحفيظ او الأيتام، او الدعوة ونشر الإسلام.
١٢- المواظبة على الصلوات في مواقيتها.
١٣- تصحيح النيّة مع الله في كل الأعمال والإخلاص والمتابعة وفْق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
تعليم الآخرين خير من السخرية منهم
الناس ليسوا للتندر ولو كانوا جهلة
وليسوا للشماتة ولو كانوا عصاة
وليسوا للازدراء ولو كانوا فقراء
وليسوا للاحتقار ولو كانوا مشردين
بدل أن تتندر على الجاهل علّمه واحمد ربك على العافية، ربما لو عشت ظروفه لكنت هو!
بدل أن تحتقر عاصياً دله على الطريق واحمد ربك على العافية، ربما لو عشت ظروفه لكنت هو!
بدل أن تزدري فقيراً ساعده واحمد ربك على العافية، ربما لو عشت ظروفه لكنت هو!
من كسب جمالاً بقوته فليزدرِ القبيحين من حوله
ومن اغتنى بقوته فليزدرِ الفقراء من حوله
ومن كسب أولاداً بقوته فليتندر على الذين حُرموا الأولاد…
إيّــــــاك أن تسخر من أحد
قضى محمد بن سيرين مفسر الأحلام الشهير عمره غنياً فلما افتقر قال: انتظر هذه اللحظة من عشرين سنة!
كنت قد عيّرتُ رجلاً بالفقر، فعلمت أن الله سيبتليني بما ابتلاه به.
ويقول عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما: لو عيّرتُ امرأة بالحمل على سبيل السخرية لخشيتُ أن أحبل!
ما سخر أحد من عاهة أحد إلا أُصيب بها ومن عَيّر بشيء عُيّرَ به!
ومن وَقفَ ساخراً وُقفَ عنده بالسخرية… “الدنيـا كأس دائماً نشرب ما سكبناه فيها”
كيف يجهل الإنسان خالقه سبحانه واجب الوجود… كيف يجهل نور السماوات والأرض.. الواحد الأحد الفرد الصمد.. الذي لا يشغله شاغل ولا يعجزه سائل.. من جلت قدرته وعظمت حكمته.. من لا تأخذه سنه ولا نوم.. من لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار..
من وسع سمعه الأصوات.. من بغير عمد رفع السماوات…
من يرى ويسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.. من يكور الليل على النهار والنهار على الليل..
من يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.. الذي خلق فسوى وقدر فهدى.. الذي على العرش استوى.. الذي ليس كمثله شيء.. فكل ما خطر ببالك الله بخلاف ذلك …
أيُجهل الله؟ كلا والله.
ولكن: ((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67))). سورة الزمر.
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)
مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74))). سورة الحج.
إن من وجد الله وجد كل شيء.. ومن أطاع الله واتقاه ربح كل شيء … وعاش سعادة الدارين.
ومن فقد الله فقد كل شيء…ومن عصى الله خسر كل شيء …وعاش شقاء الداريْن.
يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} هذه الآية نصٌ صريح بأن الله لا يؤاخذ قوماً إلا بما كسبت أيديهم، فلا يُغير تعالى ما بهم من نعمةٍ بنقمة أو عافيةٍ ببلاء أو أمنٍ بخوف أو سرورٍ بحزن أو غِنىً بفقر حتى يُغيروا ما بأنفسهم فيُقابلون الشكر بالكفران والطاعة بالعصيان تلكم سُنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً. ويظهر لنا جلياً مصداق الآية الكريمة وشاهدها من التأمل في ماضي المسلمين الوضاء وحاضرهم المظلم وما طرأ عليه من تحولٍ فظيع لما أن غيروا وتهاونوا بحرمات الله. ففي الماضي إبان أن كانت الأمة الإسلامية صادقة في دعوتها، متمسكة بكتاب ربها عاملةً بسنةِ نبيها صحيحة العقائد كريمة الأخلاق حسنة المعاملة بصيرةً في دينها ودنياها كانت مُهابة، قوية الشوكة، عظيمة الجانب، صاحبة السلطة، تغزو القلوب قبل الأجسام يقول سبحانه: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}، ويقول – صلى الله عليه وسلم -: «نصرت بالرعب مسيرة شهر» وبعد أن وهن المسلمون وضعفوا وفُتنوا أو معظمهم، بزخارف الدنيا وساروا وراء أطماعهم الخاصة واتبعوا شهواتهم وأهواءهم وغاروا لأنفسهم ولم يغاروا لحرمات الله والتمسوا الأعذار للمخلوقين ونسوا أو تناسوا مسؤولية رب العالمين. بعد أن وجد فيهم ذلكم سافراً أعذر الله فيهم فسلط عليهم ذلاً لا ينزعه حتى يرجعوا إلى دينهم وتداعت عليهم الأمم من كل حدبٍ وصوب حتى أصبحوا خائفين بعد أن كانوا مخوفين، ومغزيين بعد أن كانوا غازين، وهائبين بعد أن كانوا مهيبين فلا حول ولا قوة إلا بالله.
تمر الحياة بأحدنا وهو منهمك في ملذاته وشهواته ومطامعه، لا يُفكر في مآله ولا في يوم حسابه وكأنه خالد في الدنيا لا يموت أبداً، أو كأن عنده يقين أنه لا يُحاسب على ما جناه.
ومن العجيب أنه لا يمر يوم بل ولا ساعة إلا وفي ذلك نذير لابن آدم بالرحيل عن هذه الدار، يُشاهد الموت يتخطف الناس من حوله فلا يزدجر، تقوم الحوادث الجسام من حروبٍ تفني آلافاً من البشر وتُهدد الأحياء بالالتحاق بمن مات، وبالمجاعات والخراب، فلا يتعظ ولا يعتبر. ويرى الحرائق ما بين آونة وآونة تتلف النفوس والأموال والمساكن، وكيف تكون حالة الناس ومطافيهم، فلا يذكر جهنم وأهوالها وأنكالها وما فيها من أنواع العذاب الذي لا تصمد له الجبال الصم الصلاب، قست القلوب، وتحجرت الضمائر، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)- ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) .
أيها الغافلون، دنياكم دار غرور وهموم وأحزان، وهي بلا شك فانية، أخراكم دار قرار باقية، وأجهل الناس من باع آخرته بدنياه والتقوى مفتاح السعادتين الدنيوية والأخروية، ضمان ضمنه الله لعباده، ووعدٌ لا يتخلفُ، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
أما المعاصي والغفلة والنسيان والطغيان، فليس من ورائها إلا ضنك المعيشة في الدنيا بالهموم المبرحة والأحزان المُجرحة مع العذاب الأليم في الآخرة، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} الآيات.
إن من أعجب العجب أن يعصي الرجل مولاه وإنما كان ذلك عجباً لأن المؤمن يتيقن يقيناً لا شك فيه أن مولاه جل وعلا يراه، ويعلم سره ونجواه، ومعلوم أن الإنسان يستحيي أن يفعل ما يُغضب أخاه وهو يراه، مع أنه لا يملك له ضراً ولا نفعاً في هذه الدار، ولا في دار القرار، وإذا كان هذا حاله مع هذا المخلوق فعجيبٌ جداً أن لا يكون أشد احتراماً وحياءً مع فاطر الأرض والسموات، مع أنه تعالى هو الذي أوجد الجميع من العدم وهو الذي يحفظ عليك الحياة وهو الذي أسبغ عليك النعم ظاهرةً وباطنة، وأدام ذلك عليك ووالاه، ولو شاء لسلبك كل نعمة، وأحل بك كل نقمة، وجعلك في هذا الوجود عبرة لأولى الأبصار، أضف إلى ذلك أنه تعالى هو الذي يُميتك، ويُعاملك في قبرك بما يناسب ما لك من أعمال، وهو الذي يبعثك بعد موتك، ويسوقك إلى ذلك الموقف الذي هوله يُشيب الأطفال، وهو الذي يُحاسبك على ما كان منك في حياتك الأولى من الأفعال، وهو الذي يأمر بك إما إلى الجنة وإما إلى النار.
قال عمر – رضي الله عنه -: إنما الدنيا أمل مُخترم أي مُنتقض وبلاغٌ إلى دار غيرها وسير إلى الموت ليس فيه تعريج فرحم الله امرءاً أفكَرَ في أمره ونصح لنفسه وراقب ربه واستقال ذنبه وتاب إلى ربه إلى أن قال إياكم والبطُنة فإنها مَكسلة عن الصلاة ومَفسدة للجسم ومؤدية للسقم وعليكم بالقصد في قوتكم فهو أبعد عن السرف وأصح للبدن وأقوى على العبادة إن العبد لن يَهلَك حتى يُؤثر شهوته على دينه.
” الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا”.
شبهت الدنيا برجل رأى في منامه ما يحب وما يكره، فبينما هو كذلك انتبه من نومه فإذا ليس في يديه شيء مما رأى. فالدنيا كحكم ماض أو ظل زائل، وطالبها ـ وكلنا يطلبها ـ مثل شارب البحر، يزداد عطشا حتى يموت.
للإنسان ثلاثة أحوال: حال قبل أن يخلق، وحال بعد أن يموت، وحال بينهما.
- فأما الحال قبل الخلق فإنها طويلة لا بداية لها.
- وأما الحال بعد الموت فإنها طويلة لا نهاية لها.
- والذي بينهما هو الدنيا، وهي قصيرة جدا بالنسبة إليهما.
فمن نظر بهذه العين لم يركن إليها، ولم يبال كيف انقضت أيامه فيها؛ في ضرر أو ضيق، أو في سعة أو رفاهية. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:( مالي وللدنيا؟ إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب قال تحت شجرة ثم تركها وراح). [الترمذي]
كتب الحسن البصري إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز كتابا فيه:
” أما بعد: فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار مقام، وإنما أنزل إليها آدم عقوبة، فاحذرها يا أمير المؤمنين؛ فإن الزاد منها تركها، والغنى فيها فقرها، تذل من أعزها، وتفقر من جمعها، فاحذر هذه الدنيا الغرارة الخداعة، سرورها مشوب بالحزن، فلو أن الخالق لم يخبر عنها خبرا، ولم يضرب لها مثلا لكانت قد أيقظت النائم، ونبهت الغافل، فكيف وقد جاء من الله عنها زاجر؟. فما لها عند الله قدر ولا وزن، ما نظر إليها منذ خلقها، ولقد عرضت على نبينا محمد مفاتيحها وخزائنها، فأبى أن يقبلها، وكره أن يحب ما أبغض خالقه، أو يرفع ما وضع مليكه. زواها الله عن الصالحين اختيارا، وبسطها لأعدائه اغترارا، أفيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرم بها؟، ونسي ما صنع الله بمحمد عليه الصلاة والسلام حين شد على بطنه الحجر، والله ما أحد من الناس بسط له في الدنيا، فلم يخف أن يكون قد مكر به، إلا كان قد نقص عقله، وعجز رأيه”.
قال رسول الله: (ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع). [مسلم].
قال ابن القيم رحمه الله: والقلوب ثلاثة، قلبٌ خالٍ من الإيمان وجميع الخير فذلك قلبٌ مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن، القلب الثاني: قلب استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية فللشيطان هناك إقبال وإدبار ومجالات ومطالع فالحرب دولٌ وسجال وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر ومنهم من أوقات غلبة عدوه أكثر ومنهم من هو تارةٌ وتارة.
القلب الثالث: قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات وأقلعت عنه الظلمات فلنوره في صدره إشراق ولذلك الإشراق إيقاد لو دَنَا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حُرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رُجِمَ فاحترق.
أخلصوا في أعمالكم كلها لا فرق بين عملٍ وعملٍ سواء أكنتم تعملون لله عز وجل أم كنتم تعملون لخلق الله وسواءٌ أكنتم بين الخلق وأنتم تعملون أم كنتم في محلٍ خفي لا يراكم إلا الله والكرام الكاتبون وسواء أكنتم في سراءَ وقت العمل أم في ضراء.ذلك الإخلاص هو أن تعمل العمل الصالح لا تريد جزاء عليه إلا من الله يكون ذلك قصدك قبل العمل وحين مباشرته وبعد الفراغ منه لا تذكره بلسانك إلا من باب التحدث بنعم الله أو ليقتدي بك غافل مُتبع لهواه، بهذا يكون العمل عبادة حقاً وتكون أنت من العابدين وبهذا يُثمر عملك القبول عند ربك وعند الناس، وبهذا تكون أقوى الناس لأن وليك حينئذٍ يكون مولاك القوي المتين وبهذا تكون من أهل الكرامة في هذه الدار وفي دار الجزاء.