من سمات العظماء التسامح

من #سمات #العظماء #التسامح

#عبدالبصير_عيد

إن التسامح صفة يحتاج أن يتميز بها الإنسان ويتَّصف بها وخاصة في عالم أصبح يعج بالاختلافات العرقية والفكرية والاجتماعية. ربما يعتقد كل واحد منا أنه قادر على أن يكون متسامحاً، لكن الحقيقة أن هناك مفترقات تمتحن حقيقة التسامح لدينا، هذه الاختبارات تظهر عندما تقع في خلاف مع شخص آخر يمكن أن يكون الحق معك أو عليك، وفي هذا الإطار ليس المهم من هو صاحب الحق إنما المهم هو الاسلوب الذي نتعامل به مع اختلافنا، ويأتي السؤال الحقيقي؛ ما القدرة التي تستطيع أن تحتمل بها تلك الاختلافات وكيف يمكنك بنفس الوقت أن تحافظ على شخصيتك وكبريائك الذي يشدك باتجاه آخر؟

لا نستطيع أن ننكر أن التسامح هي صفة العظماء وأن الإنسان الذي يحمل في صدره الكره والحقد ليس سوى أنسان ضعيف لا يستطيع أن يسيطر على نفسه فضلاً عن أن يكون قادراً على التعامل مع الآخرين في البيئات المختلفة. وحتى تكون ذلك الانسان القوي لابد لك أن تمتلك بعض الأساسيات في شخصيتك وهذه المبادئ لها جذورها في ثقافتنا العربية والإسلامية، ولكن السؤال الآخر بما أننا نعيش في مجتمعات عربية وذات ثقافة إسلامية فلماذا نفتقر لمثل هذه الصفة وهي “التسامح” في حياتنا اليومية؟ لماذا تجدنا أحياناً في قمة الأخلاق وأحياناً أخرى نفتقر إلى أساسيات الأخلاق الجيدة؟ السر يكمن في فقداننا لمجموعة من المبادئ التي ننسى أن نُذكِر أنفسنا بها بين الفينة والأخرى، وبذلك نجعل للنفس والشيطان النصيب الأكبر ليتحكم في تصرفاتنا وانفعالاتنا.

مقالات ذات صلة

إن من أهم المبادئ التي يجب أن نتحلى به “حسن الظن بالآخرين” وعدم الاسترسال بالأفكار الشيطانية التي تشيطن الشخص الآخر من خلال وضع فرضيات وسيناريوهات تفتقر للدليل والبرهان، وعندها تجد نفسك وضعت كثيراً من الفرضيات البعيدة كل البعد عن الحقيقة، وضعتها بسبب مجموعة أخرى من المعطيات. وللتخلص من هذه الحالة لا بد لنا أن نستبدل الأفكار السلبية بأخرى إيجابية إن كنت تبحث عن حلولٍ للمشاكل ولا تسعى لتخريب وتدمير علاقتك مع الآخرين. ولتتمثل المقولة: “إن الانسان السيء يظن كل الناس مثله يفكرون بنفس الطريقة”.

والمبدأ الثاني الذي يجعل منك شخصاً متسامحاً “أن تضع نفسك مكان الآخرين” وتحاول أن تتعاطف معهم وتبنى مشاعر مشتركة بينك وبينهم، مشكلة كثير منا أننا نفكر ضمن إطار أنفسنا وضمن مشاعرنا نحن فقط ولا نحاول أن نفهم كيف يشعر الآخرون من حولنا، وكيف أن للآخر مشاعر وطريقة تفكير مختلفة، وهنا يأتي موضوع مهم وهو “فهم الاختلافات”، عليك أن تدرك أن العالم لا يدور حولك أنت فقط، العالم يتسع للجميع وأنت واحد من ملايين الناس حولك في هذا المجتمع. فلابد لنا من أن نتوقف قليلاً عن الكلام ونعطي فرصة للاستماع للطرف الآخر والاصغاء له، وهذه تعتبر نقطة مهمة لفهم الآخرين وبناء التسامح مع ذاتك.

والمبدأ الثالث أن تبني علاقتك على “الاحترام المتبادل” وهنا يفهم بعضهم كلمة متبادل ويهمل كلمة احترام، ويؤسس العلاقات على التعامل بالمثل. ان احترمني احترمته وإن أساء لي أسأت له! وهذا بلا شك خطاً كبير ويجعلنا نقع في فخ الآخر والانغماس في مستنقع السلبية والعدائية التي لا تنتهي. لا أقول إن الانسان يجب أن يتنازل عن حقه لكن هناك طرق محترمة تمكنه من الحصول على حقوقه من غير هبوط المستوى الأخلاقي.

تذكر أن صفة التسامح مهمة جداً في جعل مجتمعاتنا قوية ومتماسكة، وأن فقدان هذه الصفة له تبعاته على الفرد أولاً وعلى المجتمع ثانياً؛ لذلك من واجب الجميع أن يحاول جاهداً أن يؤلف بين الأخوة والأصدقاء والأشخاص المتنازعين والمختلفين فيما بينهم، بدلاً من تأجيج روح الخلاف وبث الأفكار السلبية وخلق سلسلة لا تنتهي من الأكاذيب والفرضيات المضللة التي تزيد من الشرخ بين الأخوة.

 لا تكن عوناً للشيطان على أخيك بل كن معه سنداً وعوناً في النصيحة وقول الحق، واجعل هدفك هو رأب الصدع ونزع فتيل الأزمات عبر الحوار وتقريب وجهات النظر وتقديم حلول مرضية للطرفين، لبناء جو من التآلف والتآخي في بيئاتنا المختلفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى