من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. عرقي حبرٌ وجلدي ورق

عرقي حبرٌ وجلدي ورق

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ … 1 / 5 / 2013

طوى عاملٌ رسالته المكتوبة بخط مرتجف، أدخلها في مغلّف قديم، ثم وضعها في #صندوق_بريد من غير #طوابع، ومضى إلى عمله في يوم عيده..
المرسل: #عامل
المرسَل إليه: #الحكومة
*
كل عام وأنتم بخير؛ أنا لم أعتد على التهاني مثلكم، لذا اسمحوا لي إن هنأتكم بعيدي ونسيتُ نفسي، فأنا مذ وُلدت أذكركم وأنسى نفسي، أدْعي لكم بطول العمر وأنسى نفسي، أنفّذ المطلوب منّي وأنسى نفسي، أفرح لبقائكم، لثرائكم، لقصوركم، لسلالاتكم، وأنسى نفسي.
لا عليكم؛ يبدو أنني حقّاً نسيت نفسي، هدفي من هذه الرسالة المكتوبة بحبر العرَق، أن أذكّركم فقط أنني ما أزال كما تمنيتموني.. أصحو باكراً مثل السنونو، أحمل أدواتي بصمت، أمضي بصمت، أحب وطني بصمت، أعمل بصمت، أمرض بصمت، أجوع بصمت، أتألم بصمت، أعود إلى البيت بصمت، أنجب بصمت… وإن متّ أموت بصمت أيضاً..
أحمل أولادي على ظهري على طوّافة الحياة، مَن تشبّث بالعيش نجا، ومَن سقط مات.. أنا يا سادة لا أستطيع الانحناء لألتقط أي منهم، فلي ظهري واحد وعندي عشرة أفواه..
صدّقوني، أتسلّى بكلامكم أحياناً وقت المساء، مثل أغنية قديمة، أو مسرحية معادة.. سامحوني.. يجب أن أخبركم، أحياناً تنثني فوق شفتي ابتسامة بطيئة مؤلمة كانثناءة حديد التسليح.. أسمعكم تقولون إن لي حقوقاً لا أعرفها، ما أروعكم! حتى لو عرفتُها فلن آخذها، فلماذا أزعجكم إذن؟!
بصراحة، بودّي أن أركض إليكم وأرمي نفسي على طاولتكم، أو أدس نفسي بين أوراق البريد.. أنا رسالة تعب، فعرقي حبر وجلدي ورق.. أدور حول الرغيف مثل ثور الساقية دونما توقف.. ومع كل هذا، لم أقطع جدول أعمالكم يوماً بشكوى، ولم أنغّص صباحكم بمطالبة، لم أشارك باعتصام، ولم أقف دقيقة حداد.. كلما رأيتكم تطوفون بالميدان، ابتعدت، فلا أريد من رائحتي التي تثير العطاس، أن تسبب لكم الغثيان.. شهيقي رضا وزفيري “عيش الأولاد”.. سريري إسمنت، وغطائي رغيف.. أتنفّس حاجتي، وآكل حاجتي.. لا أسطو ولا أبطر.. عيني على لقمتي، ولقمتي تملأ عيني.. ولا أطمع من هذا الوطن سوى في قبر يواريني عن الأنظار، كما وُوريت عنكم في الحياة..
في الختام، أعدكم أن أبقى -كما أنا- مسدوداً في الصمت مجبولاً في العجز.. فقط مقابل أن ترفعوا أيديكم قليلاً عن خبزي..

  • ملاحظة: أعرف أن رسالتي هذه من غير طوابع، لذا فقد كتبتها وأنا مرتاح البال أنها لن تصلكم أبداً..
    التوقيع: عامل.
    احمد حسن الزعبي
    ahmedalzoubi@hotmail.com

مضى #191يوما

بقي #85يوما

#الحريه_لاحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

#متضامن_مع_احمد_حسن_الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى