من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أصدقاء عابرون

أصدقاء عابرون
من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي
نشر بتاريخ .. 22 / 11 / 2009
تحت عبارة طق قلبي ول المكتوبة منذ عامين أو اكثر، يضطجع فتى فوق أكياسه المكدسة يرتدي سترة قديمة وبنطلون اكثر قدما وعلى الجهة المقابلة تحرس عجوز زيتونها ببسالة ويقظة منقطعة النظير، فكلما رأت رجلا غريبا يقترب من حوض التفريغ..مدت عكازها الغليظ حتى تصيبه في منتصف ظهره ثم تعيده اليها لتتأكد من نواياه..وستينية أخرى ترتدي دامر فرو ، على وجنتيها وتحت شفتها السفلى وشم فريد، أشبه برمز البستوني في الشدة تصرخ بإذن ابنها الأعزب الذي لا يسمعها جيدا بسبب ضجيج ماكينات المعصرة: الله لا يذكرها بخير قلت لها تودي معك 3 تنكات زيادة .. وختيار يحتل مكانا استراتجيا في الزاوية على يمينه 4 أكياس زيتون و12 تنكة فارغة ، لا بأس، فالطموح مقبول في هكذا مواقف!!…

على الجدران عبارات تنم عن مدى الضجر الذي يرافق حراس الزيتون في الليالي الطويلة مكتوبة بأخطائها الإملائية : فعلن دنيا غرور.. .. يلعن عمري انا .. مشان الله ممنوع الدوخول ثم مكتوب بخط صغير الادارة. أبو كوثر ترك رقمه على العمود على سبيل التغرير بالصبايا ( رر0788534.) ، وكذلك عدي مخاوي الليل (0786791)..وثمة عبارة طويلة على امتداد خط الانتاج 1 تقول: كلما زادت معرفتي للبشر كلما زاد احترامي للك.. العبارة غير مكتملة، لا بد ان دوره قد حان قبل أن ينفث بقايا ضجره على الحائط..
في المعصرة تتلاشى أهمية الأسماء وقرابة الدم وتحل محلها قرابة الأرقام وتتابعها، لذا من السهل ان تتكون صداقات مفاجئة وفطرية بين الأرقام المتسلسلة حتى لو لم تجمعهم معرفة مسبقة أو منطقة جغرافية واحدة..لذا قد تجد صاحب كرت (221) يبتسم ل(220) ويحاول ان يفك رباط الشوالات معه..ولا يكتفي بهذا الحد ، بل يقوم بتفريغ شوالات(219) في الحوض الحديدي ثم يعرض سيجارة في نهاية التفريغ لمن حوله..كما يتبرع (224) بإحضار شاي ل (221،220، 222)..وتسمع سؤالا طائشا خارج المعصرة يقول: (وين راح 228)؟ فيرد آخر قبل شوي كان يقزدر مع 226)..وفي تكاتف فريد من نوعه يتوحد (220،221،227،225) في محاولة تسلل فاشلة حاولت ان تقوم به صاحبة رقم (242) بحجة مالهاش والي ..بينما يلاحظ ان (219) لم يتدخل في عملية التصدي تلك..كونه قد افرغ زيتونه في حوض العصير ولم يعد يأبه بمن بعده…حميمية فريدة وصلت بين أصدقاء الأرقام.. حتى خلع (230) سترته الجلدية وألبسها لأبن (229) وهو يبتسم ويربت على ظهره..
لكن بالمقابل، لم الحظ صداقة أقصر من صداقة المعصرة في حياتي..راقبت المشهد يوم الخميس الماضي..عندما نزلت آخر قطرة في تنكة 220 وقام بتحميلها في باص الكيا ، تنكر لجميع أصدقائه العابرين..وعندما تبسم له: (222) مودعا..تمتم وهو يقول لأخيه : منين هالمسقع هاظ ؟!

ahmedalzoubi@hotmail.com

أحمد حسن الزعبي

#132يوما

#أحمد_حسن_الزعبي

#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى