مفكر قبطي يثبت نبوة محمد بأدلة غير مسبوقة

#سواليف

كثيرون من كتبوا عن #سيرة_نبي_الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، سواء من #المسلمين، أو من غير المسلمين، وعند النظر في كتابات غير المسلمين نجدها تختلفت من حيث الإنصاف أو التجني، فكان طابع الكثيرين منهم التجني، بحكم أنه وضع صورة مسبقة عن الإسلام ونبيه، وقليل منهم كان منصفا في تناوله، لأنه وضع الحقائق أمامه، ثم انتهت به إلى الحديث عن الإسلام ورسوله، ومن هؤلاء المنصفين النادرين: #الدكتور_نظمي_لوقا، وهو #مفكر_مسيحي مصري، كتب عدة كتب عن الإسلام، لأن الظروف التي صنعت حياة نظمي لوقا كانت طبيعية، فقد أخرجت لنا مفكرا منصفا، وطبيعيا في تناوله لقضايا دينية شائكة.

في زمن كان يباهي المفكر القبطي بأنه ملم بالثقافة القرآنية، وأن لسانه عربي مبين، كما رأينا في السياسي المخضرم: مكرم عبيد، وغيره، في هذا الزمن أخرج المفكر والكاتب نظمي لوقا، عدة كتب عن الإسلام، تدل بشكل قاطع، أنه درس الإسلام دراسة مستفيضة، ومنصفة بعيدا عن التعصب، أو الموقف المتشنج من الإسلام، أو من نبيه، ولم يترك نفسه أسير نظرة تقليدية.

إثبات #نبوة_محمد بأدلة غير مسبوقة

ولكن كتابه الأبرز هو: (محمد الرسالة والرسول)، والذي قررته وزارة المعارف في مصر على طلبة الثانوية العامة، وهاج بعض الأقباط وقتها فألغي الكتاب على الطلبة، لكن الكتاب وصاحبه ظلا موضع حديث المثقفين، فنظمي لوقا كتب كتابه بلغة أدبية عالية، وفكر عميق قل نظيره.

والأهم في ذلك أنه في صفحات الكتاب ذكر حججا وأدلة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، لم تذكر في كتاب آخر سواء للمسلمين أو غيرهم، وربما كان السبب أنه نحى عن عقله الأفكار المتوارثة عن نبي الإسلام، ونظر إلى رسالته من بعيد، دون رواسب فكرية سابقة، فخرج بكتابه، وبأدلته التي حين يقرؤها المسلم يزداد إيمانا بعد إيمانه بصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

لقد استند نظمي لوقا إلى حجة قوية في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي: انقطاع الوحي لفترة معينة، وظل النبي صلى الله عليه وسلم حائرا يتردد بين جبل حراء ودروب الصحراء، واشتد به الأمر حتى ظن أن ربه قلاه أي: هجره، فتنزل سورة الضحى

والأدلة التي ساقها وتأملها نظمي لوقا، يحفظها جمهور المسلمين، فهي ليست نصوصا نادرة، ولا صعوبة في الحصول عليها، بل ربما يسمعها المسلمون كثيرا على المنابر في خطب الجمعة، في مناسبات شتى دينية، لكن الميزة هنا: أن نظمي لوقا نظر إليها نظرة غير المسلم، نظرة من بعيد، فاكتشف فيها ما لم تره أعين أخرى نظرت للنصوص عين المحب المؤمن بها، فلفت الأنظار إليها، فرغم سهولة النصوص والحجج، إلا أن لفتات الرجل جعلتها حججا غير مسبوقة، وباهرة في سياقها والاستشهاد بها.

وحي يعقبه حمل أمانة وجدية

يقف كثيرا نظمي لوقا أمام لحظة نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم، وقد عاد إلى زوجه خديجة: زملوني زملوني، دثروني دثروني، ثم أخذته إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل، العالم بالكتب السماوية، فيخبره ويخبرها بأنه الناموس الذي نزل على موسى، وأنه نبي آخر الزمان، وقد أخبره ورقة ابن نوفل أنه سيلقى العنت من قومه، وسوف يخرجونه من أرضهم.

هذه لحظة إعلان السماء عن آخر أنبياء الأرض، أفليست هذه لحظة تدعو الإنسان لينزل ليهتف بين الناس فرحا مسرورا بأن الله قد كلفه بهذه المهمة، فأي فرحة تعدل هذه الفرحة؟! لو كان دعيا في رسالته، لفعل ذلك، ولاعتبرها موضع افتخار وإعلان به، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقابل كل هذا بعمل، وحمل الأمانة، والجد والمثابرة، فتطلب منه خديجة زوجه الراحة، فيقول: مضى زمن النوم يا خديجة.

انقطاع الوحي دليل على نبوته

لقد استند نظمي لوقا إلى حجة قوية في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي: انقطاع الوحي لفترة معينة، وظل النبي صلى الله عليه وسلم حائرا يتردد بين جبل حراء ودروب الصحراء، واشتد به الأمر حتى ظن أن ربه قلاه أي: هجره، فتنزل سورة الضحى، والتي فيها قوله تعالى: (ما ودعك ربك وما قلى)، يقول نظمي لوقا: (عجبا، فيم هذا العذاب كله لو كان محمد واضع هذا القرآن مدعيا ملفقا؟ ما كان أغناه عن فضيحة فتور الوحي، لو لم يكن أمينا غير متصنع ولا مموه. وإنما هو الصدق الصراح بغير تعديل أو تحوير).

صاحب مبادئ لا يساوم عليها

لقد حاولت قريش مرارا أن تساوم النبي صلى الله عليه وسلم على ترك مبادئه، تارة بعرض الملك عليه، وتارة بالمال، وتارة بالجاه، ولم تنته المساومات والعروض، وتارة أخرى بأن يقدم السادة، ويؤخر الضعفاء والمساكين عن الصفوف في الدين الجديد، ولكنه كان يرفض ذلك كله.

أن تأتي هذه العروض والمساومات من الخصوم، يجد صاحب المبدأ الجرأة في الرفض، لكن أن يأتي العرض من أقرب الناس إليه، ففضلا عن الحرج الذي يضع صاحب المبدأ فيه، فإنه يكون موضع نقاش، فقد جاء أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، يعرض عليه كل مساومات كفار قريش، فيقول له: “والله يا عمي، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر، ما تركته، حتى يظهره الله، أو أهلك دونه”. فهذا موقف صاحب رسالة حقيقي، وليس دعيا، ولا طالبا لدنيا.
إيذاء أهل الطائف له:

بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها، وعم النبي صلى الله وسلم أبو طالب، وسمي هذا العام عام الحزن، وخرج يعرض نفسه على القبائل المحيطة بمكة، فذهب إلى الطائف، ولقي من أهلها إيذاء حتى أدموه صلى الله عليه وسلم، وإذ برسول الله صلى الله عليه وسلم يركن إلى جانب ويدعو بالدعاء المحفوظ:

(اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك).

هذا الدعاء البسيط، الذي يحفظه المسلمون، ويذكره لهم الخطباء عند ذكرى الإسراء والمعراج، في ذكر الأحداث التي سبقتها، تأملها نظمي لوقا بشكل آخر، فأخذ منها دليلا قويا على أن هذا الرجل نبي، وليس مدعيا للنبوة، فيقول: (أي شيء هذا إن لم يكن غاية الغايات من شجاعة الإيمان. ضرب وشج وتحقير في كل مكان: حتى يصرخ هذه الصرخة من قلب صديع، ثم لا يعنيه من ذلك شيء، سوى خوفه أن يكون بالله عليه غضب! فإلا يكن ربه غاضبا عليه، فهو لا يبالي!.. فإلا يكن هذا هو الصدق الصادق، فقد ارتكست مقاييس تجعل من صاحب هذه المواقف ومثيلاتها مساوما مغامرا طالب مغنم).

الاعتراف بأخطائه البشرية

ومن أهم الحجج التي تدل على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: ذكره الدائم لبشريته في قضايا تتعلق بالنفس البشرية بعيدا عن مقام النبوة، ومن ذلك: قصة حادثة تأبير النخل، والتي مر فيها صلى الله عليه وسلم على قوم يأبرون النخل، فقال لهم: لو تركتموه، فلما تركوه، أتى شيصا، أي غير صالح، فلما أخبروه، قال: أنتم أعلم بأمور دنياكم. هذه الحادثة البسيطة التي لا تتعلق بالتشريع، بل تتعلق بعادات الناس وحياتهم والتي ليست من أحكام الدين وتشريعه، اعتبرها نظمي لوقا من أعظم أدلة صدق محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته، فالإنسان الدعي لا يحب أن يبرز نقصه أو جهله بأمر ما، أو خطأه، يقول نظمي لوقا: (لم يرتج عليه، ولم يكابر. ولم يسؤه أنه أخطأ الظن. بل اعترف أنهم أعلم بشؤون دنياهم، وما هكذا يكون موقف دعي يستولي عليه شعور النقص، وهو أبين الأمراض التي تنتاب الأدعياء..

وأكثر من هذا: سمع قوما يختصمون ببابه، فخرج إليهم وإذا به وهو الرسول المسموع المطاع يومئذ يقول لهم: “إنما أنا بشر، وأنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صدق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو يتركها!

إنما أنا بشر أصيب وأخطئ

تلك مقالة من لا يخطر له الادعاء ببال، وإنما هو يَذكر ويُذكر دوما بأنه كسائر الناس. وهكذا الصادق الذي لا يشغله تمويه حقيقته ليبدو أفضل مما هو. وسلام على الصادقين).

ختام الشهادة بصدقه

ختم نظمي لوقا ـ المفكر الذي عاش ومات لا يعرف عنه إلا أنه مسيحي ـ أدلته بشهادته كباحث بأن هذا النبي صادق، فقال:

(أي مقالة بعد هذا تنهض على قدمين لتطاول هذا المجد الشاهق، أو تدافع هذا الصدق الصادق؟
لا خيرة في الأمر: ما نطق هذا الرسول عن الهوى.
لا خيرة في الأمر: ما ضل هذا الرسول وما غوى.
لا خيرة في الأمر: وما صدق بشر إن لم يكن هذا الرسول بالصادق الأمين.. فسلام عليه بما هدى من سبيل، وما قوم من نهج، وما بين من محجة..
وسلام على الصادقين).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى