
مفارقات وسط الوحوحة
الكتابة وسط (الوحوحة) لها طعم آخر ..فعندما تكتب جملة ناريّة فإن الوحوحة تقتل هذه الكلمة و ما فيّ من ثلج و برودة يطفئ لهيب مطالبتي ..وبيني و بينكم أنا سيّئ في اختيار التوقيت ..يعني ضاقت بي الأيام الكثيرة ولم أخرج هذه المزحة الثقيلة إلا وقت الثلج و المطر والبرد الشديد ..!
لذا؛ فإن العالمين بي ..والمقربين من وحوحتي يدركون إنني (بيتوتي) بامتياز ولا أخرج إلا لطارئ حقيقي وليس طارئاً مصطنعاً ..فيقوم هؤلاء بالتشديد عليّ بالعزائم وإغرائي بالولائم ..ويظهر فجأة اشتياقهم الجنوني لي ..لأنهم يدركون أن الرفض حتميٌّ و قاطع ..وهذا يذكرني بذلك الرجل ( البخيل) الذي كان يركب دائماً معي في الباص و كل مرّة كنتُ أدفع أجرته لعدم علمي ببخله ولكن ادعاءه صداقتي هو ما كان يخجلني ..المهم..ولا مرّة قال لي بحرارة : تفضل معي ..إلا مرّة واحدة..عندما ادرك تماماً إنني على عجلة من أمري و إنه من المستحيل أن ارافقه فقد شدّد بدعوتي بطريقة مقرفة جعلت كل ركّاب الباص يترجونني لقبول عزومته ..فقد قال : والله إلا تيجي معي حتى أقوم بواجبك ..بالله عليك ما تكسفني ..لالا ما إلك عذر ..»يا زلمة ساعة زمن مش رح نتأخر كثير» ..! وكان يعلي صوته ..من لحظتها لم أدفع أجرته ..!
كل ما اريد قصده وسط هذه الوحوحة ..أنّ كل الحكومات لن تقنعني بحسن نيتها في خدمتي في الوقت الذي أكون أنا فيه غير مستعد لقبول خدمتها لي ..و المسؤولون الذين يردون على التلفونات الآن ولم يردوا عليها سابقاً لأنهم يعلمون أن الكلام الآن مجاني وليس عليه جمرك ولا محاسبة ولأنهم على يقين أن اشتياقهم لنا الآن بالذات هو محض كذبة كبيرة تضاف إلى كذبهم الذي لا ينتهي ..!
أعود لوحوحتي و دفء عائلتي فهي الحقيقية الوحيدة وسط كل هذا الادعاء..