مغناطيس المال الأردني.. قيمة حياتية وإنحرافية جديدة..رؤية تحليلية..

#مغناطيس_المال_الأردني.. #قيمة #حياتية وإنحرافية جديدة..رؤية تحليلية..
ا.د #حسين_محادين*
(1)
المال شيء اساس في فطرة وحياة #الانسان وإدمان حبه عموما، بدليل ان الله عز وجل قد قدم المال على البنون في القرآن الكريم”المال والبنون…” صدق الله العظيم. ولكن هذا التقديم للمال على الأبناء ارتبط عضويا بضوابط التربية الأخلاقية للانسان من حيث تحديده للحلال والحرام في #المعاملات_المالية المختلفة واهمية تنظيمها عبر الربط المُحكم بين غاية الربح /الكسب وشرعية وسائل جمع الانسان للمال في ثنائية عربية اسلامية نوعية متوازنة ومتفردة في الاخلاق والاقتصاد والسياسة معا.
فمن هنا تكمن اهمية إمتثالنا كبشر للمسموح به المنهي عنه في تعاملنا مع المال كسبا وانفاق ، وصولا الى القناعة والمثابرة المطلوبة لمراكمة المال الحلال القائم بين ايدي كل منا حسب طبيعة عمله وإدخاره ومستواه الاقتصادي والسياسي، فطبيعة الحياة والمجتمعات قائمة على التراتب والتمايز الاقتصادي والاجتماعي بين الافراد والشرائح تجنبا للكثير من الاحداث والسلوكيات الإنحرافية الطارئة والمهددة لأنساق وأمن مجتمعنا الاردني للأسف، فهي كممارسات حالية وافدة على منظومة القيم التاريخية في مجتمعنا التكافلي ،ولكنها آخذة في التنام المتسارع منذ ما يزيد على العقدين الآخرين.
(2)
بُعيد تسعينات القرن الماضي اجتاحت اطروحات الرأسمالية المعولمة/ات اي “دول المركز” مجتمعنا كجزء منفعل مع ما جرى من سيادة للقطب الامريكي الواحد ومصاحباته الطاغية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق..اذ مثل هذا التعولم وحشا ماليا بلا قلب ودون اكثراث لأي معنى انساني للحياة، فهو الساعي وبجشع الى مراكمة الارباح وتثاعد الاستغلال للضعفاء بغض النظر عن شرعية او حتى انسانية الوسيلة لجنيّ الاموال، وهيمنة ثقافة الرقم فقط عبر توظيفه ونشره للتكنولوجيا البسيطة كاستثمار له بين الافراد فابتدع وألزم دول العالم الضعيفة”الهامش” ذات الافكار والمعتقدات الايمانية عبر الاتفاقيات الدولية “الحريات الفردية” باهمية بيع القطاعات والموجودات الحكومية الى القطاع الخاص تحت عنوان “الخصخصة” ما يعني تخلي الحكومات عن ادوارها الحمائية والتوظيفية …الخ .
الأمر الذي زاد من انكشاف الشرائح الفقيرة اصلا امام سطوة الراسمال والربح الجشع على مستوى الكون “الارض والفضاء” مُعيدا بذلك لاذهانا العمل بنظرية الانتخاب الطبيعي الدامية والقائلة أن من حق الاقوياء/الاثرياء والمنافسون مهاريا وحدهم دون غيرهم العيش بكرامة وحياة معقولة.
( 3)
والتساؤل الدام هنا، كيف ساهم علميا ظهور “مغناطيس المال”وثقافته المتنوعة في حياة الاردنيين عبر انحراف المنظومة القيمية والسلوكيات المعبرة عنها في حياتنا بصورة لافتة للباحث الاكاديمي متجسدة بالامثلة الاتية:-
أ- ملاحظتي لزيادة منسوب التعبير الواضح فكرا وممارسات لدينا عن عدم وجود قناعة داخلية طوعية لدى الأثرياء والفقراء الأردنيين معا نحو الاكتفاء والمثابرة الشرعية نحو الكسب المالي، لذا نلحظ ظهور وانتشار ثقافة التذمر لدى الاردنيين الفقراء والاثرياء على حد سواء، الى حد يتعذر معه معرفة من هو الثري او الفقير منهما فعلا، فكلاهما يشتكي بحرقة على وضعه المالي ترابطا مع الاقرار او القبول الجمعي بأن الاعتداء على المال العام وحتى سرقته، وارتفاع منسوب النفاق السياسي والعرط الاجتماعي المظهري فكرا وممارسات، انما هي سلوكات مبررة وهي نوع من الفهلوه التكيُفية المطلوبة لتمشاية الحال “دبر حالك، الحياة بدها خِفية” بغض النظر عن اخلاقية الوسائل المُحقِقة لمثل هذه الاهداف والتغيرات العميقة الناجمة عنها حاليا في العقل والسلوك الجمعي الاردني الحالي.
ب – باستعراضنا لجذور وافكار الفساد والمفسدين الذين تحولوا الى مغناطيس لشفط المال في مجتمعنا كهدف، نجد ان غياب الربط بين شرعية الوسيلة وغياب تطبيق وتحديث القانون العادل لجنيّ المال او حتى الارباح وبين هذا الواقع قد شكل عامل اساس في انتشار ثقافة النصب والاحتيال والسمسرة في جل مرافق وعناوين حياتنا المالية.
ج-لولا وجود ثقافة الكِسبة الناجمة عن ارتفاع منسوب الجشع والسعي لاحصول على الاموال اولا وبغض النظر عن الوسيلة او حتى الحاجة الملحة لها ترابطا مع تواطء اصحاب النفوذ والمستفدين اي كانت منزلتهم السياسية والاقتصادية معا ،لما ظهرت لدينا ازمة البورصة المالية التي لم يظهر بعد من المتسبب بها او الصانع لها، او حتى الغارمات، او التجار المتعثرين..الخ.
اخيرا ..
هل بقيت الشخصية الاردنية شخصية تكافلية متوازنة ،وهل بقيت العلاقة بين شرعية الوسائل والاهداف المالية والاجتماعية مضبوطة كما كانت قبل تسعنيات القرن الماضي في مجتمعنا”المحافظ”، أم ان الكثافة الدينية والأخلاقية التي كانت تضبط سلوكاتنا آخذة في التراجع مقابل تصاعد اولوية المال ثم المال اولا..؟ اسئلة واخزة بحاجة للعديد من الدراسات التشخصية العلمية غير المجاملة..فهل نحن فاعلون..؟.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى