معطف شتوي / حسين محمود حشكي

معطف شتوي

بالمعطف الشتوي على مقعد منسي ، يحدق في أوراق خريفية مبتلة تناثرت والتصقت على رصيف الشارع البعيد ، في بلاد أدمن الغربة فيها ، ونسج فيها لبادة شتوية تقيه برد الشتاء الذي يلهب ظهر الغريب أينما مضى ، ويغزل فيها قصائد تناجي أمسه الذي مضى،،

يضم معطفه كلما مرّ النسيم مداعباً خديه ببرد الشتاء ، فيذكر ذلك المساء في شوارع الليل المنسية بصمت القبور إلا من صوت أقدامٍ تدب على الأرض ذهاباً واياباً تفرك الكف بالكف تنتظر القادم من بعيد ،،،،
يتأبط ذراعاً ويلوذ بظلمة الطرقات في ذلك الركن الهاديء البعيد ، ويلوذ كل شيء بصمت مطبق الا فحيح أنفاس تخشى من زائر الليل يبحث عمن تلفع بالعشب ، والتف بأغصان الشجر ، ليقطع عليه خلوته بصيد ثمين ،،،

كلمات أراد أن يقرأها ، كتبها في لحظة انبلاج الفجر، حين طرق الغيم شباك غرفته لينبئه أن قد انتهى من سقي شجرة اللوز بالندى ،،، وقاربت شمس الشتاء على الشروق وجلة خجلة من برد الشتاء وجبروت الغيم ،
يختفي كل شيء إلا أغصان الحزن ينبتها فتكبر ، وكلما سقطت دمعة نبتت في حاكورة القلب جذور كآبة ،،، مازال يبحث عن أسبابها رغم كل السنين والمسافات ، حين جاس الكرة الارضية ليسكن في طرفها البعيد ، عله من سجن الذكريات يتحرر ويفر من قضبان الأمس ليغزل خيوطاً من دمع الغيم اللامع فوق الشوارع المكتظة بكل الوجوه والأرصفة التي لاتكاد تشم أنفاسها من وقع الخطى ، ولا تغفو ليلاً أو نهاراً،،،،
لكنه يحس بالوحدة وصمت الطرقات ،،،،

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى