
مسايرة
شرحت لي زوجتي فكرتها ..فأبديتُ إعجابي بالفكرة مع إني لم أفهم شيئاً ..سايرتها ؛ ولو لم أفعل ذلك لقلبت بوزها شبرين و نصّ و صار النكد إفطارنا و غداءنا و عشاءنا ذلك اليوم ..لكنني بعد المسايرة و إبداء الإعجاب المفرط بعقليتها و عبقريتها عشتُ يوماً هادئاً في البيت ..حتى إنها (بغششتني) عشرة دنانير وقالت لي جملتها التي لا تقولها إلا ساعة الرضا : أنا وإيّاك واحد ..شو أنا و شو إنت يا زلمة ..و سمعتُ طوال اليوم كلمات تمطر عليّ مثل : حبيبي و يا عمري ..وإيش يا قلبي ..!
حينها اقتنعتُ أن (المسايرة تجيب ناتج) ..فقررتُ استعمالها مع كافة أصدقائي ..وكل موقف يواجهني ..فهذا صديق يشاورني في مشروع يريد أن ينشأه و يستدين من البنك من أجله ..وعندما سايرته و مدحتُ الفكرة و المشروع ؛ ابتسم و مضى لمشروعه و ديونه ..صحيح إن المشروع فشل و ما زال صديقي مطارداً من البنك ولكنه ما زال صديقي ..!
عندما عرضت عليّ بعض (الجميلات) نصوصاً أدبية لا تشبه إلاّ الفضلات و الفتات ..استعملتُ قانون المسايرة ..فأبديتُ إعجابي بالنصوص وعيني عليهن..وبالمسايرة صرن الجميلات التافهات أدبياً نجمات في عالم الشعر و الأدب و أنا لم أخسر إلا (الريالة) التي كانت تتساقط كلّما رأيتُ إحداهنّ..
قانون المسايرة هذا قانون عجيب ..فهو يبقي الحكومات تتمادى و توغل في تماديها لأنها تجد من يسايرها من الشعب و النوّاب و أصحاب الريالات ..و تجد من يصفّق لها في أشدّ أوقاتها ضيقاً ..!
لكن على الذين يسايرون أن يدركوا أن الحكومات ليست زوجاتكم عندما تسايروهن ستحظون بعشر ليرات و بعيشة هانئة و لن تناديك بـ يا عيني و يا قلبي ..بل عندما تسايرها ستشفط كلّ ما بكّ من أنفاس و لن تضمن لك كفناً بعد الموت ..!