محامية “ضحية جرش”: شعارات وقفة أمس لا تمثل فاطمة.. والمتظاهرات ضد تعنيف المرأة تنمرن على “نيفين عبدالهادي” آكلة البسكويت

سواليف_ هديل الروابدة

من أمام مستشفى الأردن ، حيث تتلقى فاطمة أبو عكليك علاجها بعد أن فقأ زوجها عينيها وتسبب لها بالعمى أمام أطفالها، انطلقت حملة “طالعات_بالأردن” أمس السبت، بدعوة من اللجنة الوطنيّة الأردنيّة لشؤون المرأة، تحت شعار “طفح الكيل”، لتنظيم وقفة تضامنية لمواجهة العنف ضد المرأة.
وشهدت الحملة – التي نقدرها ونقدر أهدافها – مشاركة العديد من النساء والإعلاميات اللواتي عبرن عن غضبهن إزاء استمرار العنف ضد المرأة بعصابة سوداء على أعينهن، وحملن شعارات “طالعين وطالعات.. لعيونك يا فاطمة”، “عدّل تشريعاتك عدّل.. عدّل قانونك عدّل”، “بدنا حماية كاملة.. بدنا حضانة كاملة.. بدنا مواطنة كاملة”، “حق المرأة إنها تعيش.. مش بالعنف والتهميش”.

في المقابل، أثارت بعض الهتافات، والشعارات المكتوبة على اليافطات المشارِكة في الوقفة موجة استياء، حيث اعتبرها ناشطون، خارجة عن مضمون الوقفة، وتدعو إلى إسقاط ولاية الأب أو الأخ و تفتيت مفهوم الأسرة، ومعاملة جسد المرأة كعقار يجب أن يملكه طرف ما.
ومن أبرز الهتافات والشعارات التي أثارت الجدل: “المرأة هي الثورة .. لا شرف ولا عورة”، “شرف اختي مش غشاء بكارة”، “اختك امك مرتك مش ملكك”، “الشرف شرفي والجسم جسمي”، “يسقط النظام الأبوي” وغيرها.

وأظهر ناشطون اعتراضهم على بعض الشعارات معتبرين أنها خرجت عن إطار مناهضة العنف إلى المساس بمفاهيم المجتمع الأردني السائدة، فكتبت الفنانة رلى جرادات ” هذا الخطاب لا يمثلني ابوي واخوي سندي انتو المتخلفين مش احنا “، وكتب سيف الدين تركمان ” الأردن بعشائرها المحافظة لكم بالمرصاد في وجه الانفلات والتغريب”، وكتبت الإعلامية تمارا النهار “لنعترف أن الوقفة كانت مؤثرة لكني ضد العبارات المستفزة التي تتحدث عن جسد المرأة وأعضائها وكأنها عقار يسجل بالطابو”.

وتساءل مواطنون عبر منصات التواصل الاجتماعي، هل هكذا يتم دعم ضحية جرش؟ وهل هذه الهتافات والشعارات مقبولة لدى المجتمع الأردني؟
من جهتها قالت المحامية إيفا أبو حلاوة لسواليف “إن هذه الوقفة لا تعبر عن موكلتها فاطمة أبو عكليك ولا تمثلها فبرأيها إن فاطمة عبرت عن نفسها عبر وسائل الإعلام”.

وأضافت ” الشعارات التي حملنها بعض المشاركات تعبر عنهن وتمثلهن وتمثل الجهات التي ينتمين لها، والوقفة جاءت للتضامن مع فاطمة وكل ضحايا العنف الأسري وليس نيابة عن أحد”، مؤكدة على احترامها للوقفة التضامنية مع ضحايا العنف الأسري.
وبينت أبو حلاوة أن بعض الشعارات أسيء فهمها، كعبارة “يسقط النظام الأبوي” مثلا، فباعتقادها أن المقصود ليس “الأب” وإنما “السلطة” على اختلاف مستوياتها.


في ذات السياق، أعلن صحفيون وإعلاميون تضامنهم مع الزميلة نيفين عبدالهادي إثر تعرضها لهجوم وصفه ناشطون بأنه “تنمر أنثوي”، على وقع قولها “إن حادثة فاطمة أبو عكليك فردية ولا يجب التعميم” على شاشة الأردن اليوم، فكتب سهم العبادي “متضامن مع الزميلة نيفين وتسقط منظمات التمويل الأجنبي” وكتب ماهر الشريدة “متضامن مع الزميلة نيفين ضد الهجمة الأنثوية لمجرد أنها طالبت بعدم محاكمة المجتمع بسبب جريمة واحدة”.
من ناحيتها استهجنت الزميلة نيفين عبدالهادي في حديثها لسواليف، موجة التنمر والهجوم عليها بسبب ما اعتبرته وجهة نظر شخصية طرحتها بكل حيادية ووضوح، من قبل نساء خرجن أصلا للتظاهر لمناهضة تعنيف المرأة والتنمر عليها.
وأكدت عبد الهادي على أن حديثها عن حادثة جرش لا يعني عدم تعاطفها أو إنكار وجود حالة من العنف في المجتمع الأردني، وإنما اعتراضها على التعامل معها كظاهرة.
وقالت ” الأجدى على المؤسسات المعنية بالشأن النسائي أن تزرع ثقافة تمكين المرأة من الدفاع عن نفسها وتقويتها، بدلا مما وصفته مهاجمة من يدلي بآراء تخالف أفكارهم وسياساتهم وبرامجهم، واتهامهم بأنهم من طبقة اجتماعية لا تشعر بهموم الشارع والناس”.
وبرأي عبدالهادي أن حجم الهجوم والتنمر عليها، بطريقة استفزازية ووصفها بأنها من آكلي البسكوت – بمعنى أنها ابنة طبقة اجتماعية بعيدة عن هموم الناس-، بسبب رأيها الشخصي غير المسيء، أظهر ما أسمته “هشاشة رسالة تلك المؤسسات” و “كشف “أجنداتها”.

وفي هذا السياق، يقول خبير علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي لسواليف ” إن ثقافة الصمت هي أصل العنف في المجتمع، إذ تشير الدراسات إلى أن 19% فقط من المعنفات يعترضن على العنف من خلال القانون أو الأهل والعشيرة، في المقابل 81% يصمتن عن الاعتراض أو الشكوى”.
ويضيف أن ما يقارب، “21% من النساء تعرضن للعنف ولو لمرة واحدة، و2% تعرضن للعنف وهن حوامل، في حين 80% تقريبا لم يتعرضن لذلك”، مشيرا إلى ضرورة عدم تعميم العنف كظاهرة، وعدم إنكار وجوده كذلك.
ويؤكد الخزاعي في معرض تعليقه على الشعارات ” أنها تسيء إلى المرأة وتعطي طابعا غير حقيقي ، وتدفع الرجل للمزيد من الغطرسة، وأن المرأة ليست ضلعا قاصرا، إلا أنها بحاجة للأب والأخ والأخت والابن والأسرة كحاضنة وعزوة وقدوة ونموذج، وبرأيه أنها “ربما تعبر عن أصحابها وليس عن المجتمع كله”.
وختم حديثه قائلا ” إن العقل والدين والفطرة السليمة ترفض العنف، ولكن ليس بإلغاء الضوابط والروابط الأسرية، القائمة على روح المودة والرحمة، وتقدم الدعم والعون والسند للمرأة، وليس بانتقاص قيمة المرأة وتجريدها من الضوابط القيمية والمجتمعية والأبوية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى