
” #مجالس_الأمناء الغائبة… هل ما زالت تستحق #البقاء؟”
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة
في خضم ما تشهده الجامعات الأردنية من تراجع خطير في تصنيفاتها، واهتزاز في منظومة النزاهة الأكاديمية، وتغوّل المحسوبيات والشللية على معايير الكفاءة والعدالة، يبرز غياب صادم وصمت مثير للريبة من جهة يُفترض أن تكون الحارس الأمين والضامن الأعلى لهيبة الجامعة واستقامتها: مجالس الأمناء.
لقد بلغ السيل الزُبى. وأصبح السكوت تواطؤًا، والحياد خيانة لمستقبل التعليم العالي في هذا الوطن. فمجالس الأمناء، التي أنيط بها قانونًا مسؤولية وضع السياسات العامة، ومراقبة الأداء، وتقييم رؤساء الجامعات، وصيانة معايير الشفافية والمساءلة، لم تعد أكثر من ديكور إداري بلا روح، يتفرج على الانحدار وكأن الأمر لا يعنيه.
أي قيمة تُرجى من مجلس أمناء لا يجرؤ على محاسبة، ولا يملك رؤية، ولا يحرك ساكنًا رغم ما تكشفه التقارير من تجاوزات مريعة في ملفات التعيين والترقية والنشر والمكافآت؟ أين صوت هذه المجالس إزاء ما يجري؟ أين موقفها من العبث الذي يضرب في صميم الجامعات، من رأس الهرم وحتى قاعه؟ لقد تعبنا من الانتظار، ومن التبرير، ومن الوهم بأن الإصلاح قادم على أيدي صامتين!
إن أعضاء هيئة التدريس، وقد باتوا في قلب الأزمة، لم يعودوا يطيقون هذا الغياب المتواطئ. فمن غير المقبول أن تتحول هذه المجالس إلى أختام مطاطية لتمرير القرارات، أو مظلات لحماية الإدارات، أو أدوات لتجميل واقع يتآكل من الداخل. الوقت قد حان لوقفة صريحة وحاسمة: فإما أن تنهض مجالس الأمناء بمسؤولياتها كاملة، وبشجاعة لا تعرف المجاملة، أو أن تُغادر المشهد غير مأسوف عليها.
ولأننا نؤمن أن الإنقاذ لا يأتي من فراغ، فإننا ندعو – وبأعلى صوت – إلى حلّ كافة مجالس الأمناء في الجامعات الأردنية، الرسمية والخاصة، وإعادة تشكيلها من جديد على أسس الكفاءة، والنزاهة، والاستقلال التام عن أي نفوذ سياسي أو شخصي. لا مجال للمساومة حين يتعلق الأمر بمصير جيل كامل، ولا مكان لمن يقف في الظل حين تكون الجامعة في قلب العاصفة.
زملائي وزميلاتي،
المسؤولية اليوم جماعية، والتاريخ لن يرحم المتخاذلين. البيان الذي أطلقه زملاؤنا لم يكن مجرد احتجاج، بل هو بداية مسار تصحيحي لا رجعة فيه. والمطلوب الآن أن نكون على قدر التحدي، وأن نُسمع صوتنا عاليًا: صوتًا لا يُساوم، ولا يُراوغ، ولا يقبل بأن تتحول الجامعات إلى مزرعة خاصة أو ساحة نفوذ.
فلتنهض مجالس الأمناء بمسؤوليتها… أو لترحل فورًا.
التعليم العالي الأردني أمانة، ومن لا يستطيع حملها فليتنحَّ جانبًا.