
أحدث رد حركة المقاومة الإسلامية ” #حماس ” على خطة الرئيس الأميركي دونالد #ترامب موجة واسعة من النقاش في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث اعتبره متابعون تجسيدًا لدهاء سياسي وحنكة تفاوضية أعادت رسم المشهد من جديد.
وعبّر عدد من الكتاب والمحللين عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي عن آرائهم ، حيث أجمعوا على أن موقف الحركة قلب التوقعات، وطرح علامات استفهام كبرى حول مستقبل المشروع الأميركي ومآلاته في المنطقة، في وقت كانت فيه واشنطن وتل أبيب تسعيان لتمرير الخطة باعتبارها أمرًا واقعًا.
الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة وصف #بيان_حماس ” بشأن #وقف_الحرب على #غزة بأنه ” #ذكي ويحتاج إلى خبراء لفك شيفرته السياسية”.
ويرى الحيلة أن ذكاء الطرح يكمن في موافقة الحركة على إطلاق سراح جميع الأسرى كما أراد ترامب، مقابل وقف الحرب، والانسحاب، وإدخال المساعدات، ومنع التهجير، كما ورد في مسوّدة الاتفاق. وفي الوقت ذاته، أحالت الحركة القضايا الوطنية الكبرى الواردة في الخطة إلى الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية، مؤكدة أن الشعب هو صاحب القرار، ويحتفظ بحقه في تقرير مصيره ورفض الوصاية عليه.
أما الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق، فقد اعتبر أن رد “حماس” أضعف موقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام أهالي الأسرى الإسرائيليين الذين استبشروا بعودة أبنائهم، كما أضعف موقف الرئيس ترامب أمام العالم إذا أصر على التهديد وساهم في الإبادة، مما يجعل أي فعل جنوني غير مبرر حتى أمام أصدقاء أمريكا.
وأشار القيق إلى أن البيان أجبر ترامب على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن قضايا مرحلية تتعلق بالأسرى والانسحاب، وحرمه من الاستفراد بالقرار وموقع الآمر الناهي، كما أفشل هدفه الأساسي المتمثل في تشتيت جهود العالم لإنشاء دولة فلسطينية.
وأضاف أن صيغة التوافق الوطني والتشاور مع الوسطاء والأشقاء الواردة في البيان تعني أن “اليوم التالي في غزة فلسطيني، وليس انتدابًا بريطانيًا جديدًا”، ما يجعل تعديلات نتنياهو بلا أثر.
وتوقع القيق، في منشور له على منصة “فيسبوك”، صدور بيانات من دول عربية وإسلامية تبارك موقف “حماس”، مما يعني أن الدول التي سلّح بها ترامب قد تجد نفسها تدعم رد الحركة، وبالتالي تصبح المفاوضات ونقاش التفاصيل أمرًا لا مفر منه.
وختم بالقول: “الرد أسس لمشهد جديد لم يعد فيه الأمريكي في قوته السابقة، وتجاوز محطات هيمنة إقليمية، وهذا من الممكن أن يصعّد جنون ترامب ونتنياهو بإشعال المنطقة دون مبرر، كما كانوا يحضّرون بشرعنة المهلة التي رسموها”.
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي عامر الهزيل أن المقاومة أثبتت مجددًا أن المعركة لا تُخاض فقط في ميادين القتال، بل أيضًا في ساحات السياسة والتفاوض، فالسياسة ليست سوى استمرار للحرب بوسائل أخرى.
ووصف الهزيل رد المقاومة بأنه “ذكي وبارع”، مضيفًا: “لم يمنح رد المقاومة ترامب ولا نتنياهو ما كانا يسعيان إليه من هزيمة واستسلام وتسليم رأس المقاومة، وفي الوقت نفسه لم يترك مجالًا لأحد لاتهامها بمسؤولية استمرار الحرب. ومع قبول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لردها، انقلب المشهد وقُلبت الطاولة على إسرائيل”.
وتابع: “مضمون الرد كان واضحًا: وقف الحرب وانسحاب كامل لإسرائيل من قطاع غزة مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، أحياءً وأمواتًا، إلى جانب الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، وخصوصًا أصحاب الأحكام المؤبدة الطويلة. ولم تتطرق المقاومة إلى تسليم السلاح أو الخروج من غزة كما حدث في بيروت عام 1982، بل تمسكت بمواقفها السابقة؛ وافقت على بعض البنود التي كانت مقبولة لديها سابقًا ورفضت أخرى سبق أن رفضتها”.
وأضاف: “بهذا الموقف يمكن القول إن المقاومة الفلسطينية، بدهاء سياسي لافت، وافقت على الخطة بما يخدمها، لكنها في الوقت نفسه رفضت البنود التي تستهدف القضية الفلسطينية والمنطقة العربية والإسلامية”.
وختم بالقول: “والأهم أنها أشركت جميع مكونات الشعب الفلسطيني في تقرير مستقبل غزة ومصير القضية، مؤكدة أن هذا شأن وطني يُناقش في إطار فلسطيني جامع. كما أنها دفعت الوسطاء والإدارة الأمريكية إلى تبني موقفها وتحمل تبعاته”.
أما الكاتب السياسي محمد أبو التاج، فقد شدد على أن حركة “حماس” سعت إلى تحقيق توازن بين ضرورات وقف الحرب وما تعنيه من نزيف دموي يومي يعيشه أهل غزة، وبين الإصرار على رفض التهجير والاحتلال، وهو ما جاء بوضوح في البيان.
وأضاف: “قبول الحركة بمبدأ تبادل الأسرى وفق صيغة ترامب ليس اعترافًا بالطرح الأمريكي، بل خطوة براغماتية لانتزاع مكاسب إنسانية وسياسية، تشمل تحرير أسرى فلسطينيين، وتثبيت مبدأ رفض الاحتلال والتهجير”.
وأشار أبو التاج إلى أن موافقة “حماس” على تسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين، مدعومة عربيًا وإسلاميًا، تمثل إشارة إلى استعدادها للتخلي عن السيطرة الإدارية المباشرة، مقابل ضمان ألا يتحول القطاع إلى كيان منفصل أو إلى منطقة منزوعة من عمقها الوطني.
واعتبر أن هذا الموقف يفتح الباب أمام صياغة معادلة جديدة للشراكة الوطنية بعيدًا عن التجاذبات الفصائلية.
وختم بالقول: “يمكن القول إن رد حماس على خطة ترامب يعكس مزيجًا من المرونة التكتيكية والصلابة الاستراتيجية. الحركة تدرك أن شعبها يئن تحت القصف والجوع، لكنها في الوقت نفسه ترفض أن يكون ثمن وقف النار هو التنازل عن الثوابت. بين ضغط الدم والبارود، وبين رهانات السياسة، تبقى البوصلة الأخطر: كيف يحافظ الفلسطينيون على وحدتهم، حتى لا يتحول الرد إلى مجرد ورقة تفاوض عابرة في دفتر البيت الأبيض”.
يشار إلى أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أعلنت، مساء أمس الجمعة، عن موقفها الرسمي من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف العدوان على قطاع غزة، وذلك بعد مشاورات معمقة داخل مؤسساتها القيادية، ومشاورات واسعة مع القوى والفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى لقاءات مع الوسطاء والأصدقاء، بهدف التوصل إلى موقف مسؤول يحمي ثوابت شعبنا وحقوقه ومصالحه العليا.
وقالت الحركة في بيان رسمي إنها تقدر الجهود العربية والإسلامية والدولية، إضافة إلى جهود الرئيس الأمريكي، الداعية إلى وقف الحرب على غزة، وتبادل الأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية فورًا، ورفض الاحتلال والتهجير القسري للشعب الفلسطيني من القطاع.
وأوضحت “حماس” أنها توافق على الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال، أحياء وجثامين، وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح ترامب، مع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل، مؤكدة استعدادها للبدء فورًا في مفاوضات عبر الوسطاء لمناقشة تفاصيل ذلك.
كما جددت الحركة موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية مستقلة (تكنوقراط)، بناءً على التوافق الوطني الفلسطيني، واستنادًا إلى الدعم العربي والإسلامي.
وأكدت “حماس” أن ما ورد في مقترح الرئيس ترامب بشأن قضايا مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة، مرتبط بموقف وطني جامع، وسيتم مناقشته من خلال إطار فلسطيني جامع تكون الحركة جزءًا منه، وستساهم فيه بكل مسؤولية، استنادًا إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة.