مبتدأ وخبر

#مبتدأ_وخبر

د. #هاشم_غرايبه

المبتدأ: في قصة رمزية للكاتب التركي “عزيز نيسين”، يقول فيها: ان الحمير كانت تتكلم كما البشر، لكن ماعقد لسانها وجعل كلامها يقتصر على النهيق الحزين: (ها ..هو ..)هو حادث ألمّ بجدها الأول، والذي كان يرعى العشب سعيدا بغزارة المرعى، سمع صوتا مريبا عند الأجمة البعيدة، وحذرته غريزته من ذلك الصوت فقد يكون حيوانا مفترسا، لكنه بدلا من اتخاذ الحيطة، لم يشأ أن يفقد متعة قضم الحشائش اليانعة، فقال لنفسه: الصوت بعيد ولديّ متسع من الوقت لأهرب، اقترب الصوت أكثر، لكنه لم يكلف نفسه التحقق حتى لا يفسد متعة الرعي، مؤملا نفسه أن لا يكون هو المقصود بالافتراس، في اللحظة التالية أحس بالأنياب تنغرس في رقبته، فلم يبق بمقدوره الا الصراخ البائس: ها..هو، ومن يومها أصبح ذلك هو كلام الحمير.
الخبر: عندما صرح الرئيس الأمريكي وهو يشير بقلم في يده قائلا: انه عندما ينظر في خارطة الشرق الأوسط، يرى (اسرائيل) نحيلة كهذا القلم، أرى أنه يجب تسمينها قليلا، لم يلق هذا التصريح أي رد فعل عربي، وخاصة من الدول المجاورة للكيان اللقيط، المرشحة لأن يكون توسعه على حسابها، وآثرت كل واحدة منها تعزية نفسها بأنها قد لا تكون هي المقصودة بالافتراس.
لذلك كان خبرا سارا للأردنيين خبر إعادة خدمة العلم، التي أوقفت منذ عام 1974 اثر توقيع معاهدة وادي عربة المشؤومة، وكان أحد بنودها رفع صفة العدو عن الكيان اللقيط، وبالتالي ايقاف هذه الخدمة من طرف واحد هو الأردن فقط.
النظام الحاكم فقط بخلاف الاجماع الشعبي هو من كان سعيدا بتوقيع هذه المعاهدة، اذ اعتقد أنها اعتراف من الكيان اللقيط بالدولة الأردنية، لأنه كان يخشى أن يعتبر الغرب أن الدور الذي أراده للأردن بالحفاظ على أمن حدود الكيان اللقيط الى أن يترعرع ويصبح قادرا على حماية نفسه، فكان يخشى أن وصول هذا الكيان الى هذه المرحلة يعني الاستغناء عن الأردن كدولة.
لقد ظلت الدولة العميقة في الأردن مطمئة الى وعود أمريكا بحمايتها، تتجاهل كل نداءات العقلاء وتحذيراتهم بأن مصالح أمريكا متبدلة، والركون الى قصة أنها تعتبر النظام الأردني أوثق حلفائها ضرب من الوهم، والآمثلة كثيرة، منها مصير شاه إيران ومبارك وزين العابدين.
لذلك كان قرار اعادة خدمة العلم وتنويع مصادر تسليح الجيش قرارا صائبا ولو أنه تأخر كثيرا.
الآن وبعد أن صدرت تصريحات صريحة لا مواربة من قادة الكيان اللقيط فيها بأنه لم يتخلوا عن الحلم بدولة من الفرات الى النيل اصبح الصوت المريب أكثر وضوحا.
لذلك وقبل أن تطبق الأنياب على رقبتنا، يجب أخذ الحذر، والتهيؤ للدفاع عن وطننا، والبدء فورا بالإجراءات التالية:
1 – التصدي العملي للأطماع الصهيونية في موضوعي التوسع والوطن البديل، وليس الاكتفاء بتصريحات الاستنكار، والركون الى نخوة الغرب، فقد ثبت أنه لا يوثق بالاتفاقيات والرعاية الأمريكية للنظام السياسي الأردني، فلا يحمي الأردن الا سواعد ابنائه.
2 – لقد أثبتت موقعة الطوفان أن ما يردع العدو ليست القوات العسكرية العربية، فتسليحها منضبط بأن تبقى أقل تقنيا من قوة العدو، ما لا يقدر عليه هو القوى الشعبية التي تنتهج حرب العصابات، لذك يجب المسارعة في تدريب الشباب باستثمار إعادة خدمة العلم لتأهيلهم لحمل السلاح، والتهيؤ لتشكيل كتائب المقاومة لتكون مستعدة في حال فكر العدو بتنفيذ مغامرة التوسع.
3 – كما يجب على الكتاب والمؤثرين في وسائط التواصل، احياء عقيدة الجهاد في النفوس، للعسكريين والمدنيين على السواء، فقد تبين أنها السلاح الوحيد القادر على مجابهة التفوق التقني للعدو.
4 – وأخيرا يجب على الجميع التنبه لمؤامرة تشتيت الجهود في معارك جانبية، فهي بقصد او بغير قصد، تؤدي لحرف البوصلة عن العدو الحقيقي، ألا وهو القابع غربي النهر.
لنتفق جميعا على مبدأ ان الكيان اللقيط شوكة ناتئة في خاصرة الأمة، لا حل إلا بقلعها، والى أن يتم ذلك فيجب الثبات على مبدأ رفض التطبيع معه، وعدم التنازل عن فلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى