ماذا نحن فاعلون؟
مهند أبو فلاح
تستحوذ الأزمة الروسية الأوكرانية في شبه جزيرة القرم على اهتمام وسائل الإعلام في المرحلة الحالية على حساب قضية العرب المركزية الاولى المتمثلة في القضية الفلسطينية لا سيما في ظل احتمال تطور الأزمة الناشبة هناك إلى حرب عالمية ثالثة و هو الأمر الذي يقودنا إلى التساؤل عن المخاطر المحتملة لهذا السيناريو المحتمل على مصير شعبنا العربي في فلسطين السليبة .
للاجابة على هذا السؤال لا بد من استخدام المنهج العلمي التاريخي و تسليط الأضواء على ما حدث خلال الحربين العالميتين السابقتين الاولى و الثانية خلال القرن العشرين الماضي ، حيث تمكنت الحركة الصهيونية في بريطانيا من انتزاع وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين عام ١٩١٧ و هو الأمر الذي باشرت الإمبريالية البريطانية بتنفيذه بعيد احتلالها لفلسطين في العام التالي و انتزاعها السيطرة عليها من السلطنة العثمانية .
الحرب العالمية الثانية لم تكن محطة عابرة في مسيرة الحركة الصهيونية بل وظفتها أقذر توظيف لدعم الهجرة اليهودية إلى فلسطين و هي المسألة التي كانت تستحوذ على اهتمام زعماء هذه الحركة الشيطانية ، حيث أعلن دايفيد بن جوريون الذي كان يشغل منصب رئيس الوكالة اليهودية قبيل اندلاع هذه الحرب بسنوات قليلة أنه مستعد للتعاون مع الشيطان نفسه في سبيل تحقيق الهجرة اليهودية إلى فلسطين في العام ١٩٣٣ بالتزامن مع وصول ادولف هتلر إلى سُدة الحكم في المانيا ، و تكشف لاحقا وجود اتفاقيات سرية بين الطرفين عرفت باسم اتفاقية هعفراه في ٢٥ آب / أغسطس من العام نفسه ، لتسهيل عملية تهجير اليهود الأثرياء الألمان الى فلسطين هذا من ناحية ، أما من الناحية الأخرى فقد استغلت الحركة الصهيونية موقفها المعلن مع الحلفاء لتشكيل فيلق يهودي عسكري في صحراء مصر الغربية ليكون نواة لما سمي لاحقا بجيش الدفاع الإسرائيلي .
لكن اخطر الأمور التي يمكن تكرارها الان هي تلك الحملة الإعلامية المسعورة التي أطلقتها الحركة الصهيونية في الغرب لتحميل شعبنا العربي في فلسطين مسؤولية جرائم هتلر بحق يهود أوروبا الشرقية بحجة أن سماحة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني رحمه الله تعالى اتخذ موقفا مؤيدا للوحش النازي متجاهلة دورها القذر في المذبحة التي جرت بحقهم .
اليوم يبدو أن كثيرا من أبناء شعبنا العربي في فلسطين متحمسين جدا لحدوث انقلاب جذري في موازين القوى العالمية و انكسار الإمبريالية الغربية و التخلص من الهيمنة الأمريكية على المشهد العالمي مراهنين على قيام محور روسي صيني إيراني لكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا سيكون عليه الحال لو تعرض هذا المحور الشرقي للهزيمة في معركة كونية محتملة تبدو فيه الكفة راجحة لصالح الإمبريالية الغربية .
حكام تل أبيب لا يخفون رغبتهم في تهجير شعبنا و اقتلاعه من أرضه لتحقيق هدفهم في قيام دولة يهودية خالصة نقية من اي عنصر عربي على أرض فلسطين من نهرها إلى بحرها و هم في سبيل ذلك يحاولون شيطنته عبر اظهار فصائله ملحقة بركب ذلك المحور الثلاثي ليدفع ثمن و فاتورة أي صراع عالمي مرتقب تماما كما حدث في أعقاب الحرب العالمية الثانية عند حدوث نكبة فلسطين الكبرى في العام ١٩٤٨ ، فماذا نحن فاعلون لدرء الخطر عن أنفسنا ؟؟؟