لينا غريس
رحم الله الأسطورة الإعلامية العربية #لينا_غريس.
للأسف، لا يعرف جيل اليوم لينا غريس. لأن جيل اليوم يعيش في زمن اصبحت فيه كلمة (إعلامي) كلمة رخيصة يمكن ان يحملها اي شخص دون أي خبرة او أي علم واصبحت كلمة إعلامي مرادفة للسفاهة والتفاهة.
لكن في زمن لينا غريس، زمن الرعيل الاول الذي ساهم في تأسيس التلفزيون الاردني والحركة الإعلامية الأردنية، كان لقب إعلامي يعني الكثير الكثير وولم يكن سهلا الحصول على هذا اللقب خاصة لسيدة.
مع ذلك حصلت ابنة القدس على اللقب بجدارة وتفوقت، بالرغم من ظروفها الصعبة، على الرجال في مجالها.
لينا توفت والدتها وهي صغيرة وما أصعب الحياة دون الام وما أسهل ان يستسلم الأنسان ويرفض الحياة بغياب الام. لكن ليس لينا التي تحملت مسؤولية كبيرة نحو اشقائها بالرغم من صغر عمرها لأنها كانت الأكبر وزادت هذه المسؤوليات عندما قتل والدها في تفجير فندق الملك داوود في القدس عام 1946 لتصبح ذات الاحدى عشرة سنة يتيمة هي واشقائها.
موت الام والأب سلب من لينا طفولتها وأجبرها على النضوج مبكرا لتعتني وتساعد اشقائها من جهة ولتبني شخصيتها المتميزة الفريدة من الجهة الاخرى. هذه الشخصية التي بعد سنوات لفتت انتباه المرحوم محمد كمال مؤسس التلفزيون الأردني ليستعين بها لتكون من الرعيل الأول في التلفزيون الأردني والمساهمين في تأسيسه.
تربيت في طفولتي على برامج لينا غريس في التلفزيون الأردني وتشرفت في مكبري بالعمل معها عندما عملنا معاَ في شبكة راديو وتلفزيون العربART التي ساهمت لينا فيها من البداية كما ساهمت في بداية التلفزيون الأردني.
في شبكة راديو وتلفزيون العرب حازت لينا من البداية على ثقة واحترام المرحوم الشيخ صالح كامل مؤسس الشبكة باستقامتها وصدقها لينتقل هذا الاحترام والثقة إلى إبنه محي عندما استلم دفة القنوات الرياضية في الشبكة في عصرها الذهبي. لينا، والتي كانت تتحدث بخمس لغات على الأقل بطلاقة، ومن خلال العلاقات التي بنتها خلال ترأسها قسم العلاقات الدولية في التلفزيون االأردني، كان لها دور كبير في حصول قنوات شبكة راديو وتلفزيون العرب على الكثير من حقوق الاحداث الرياضية وغيرها وتميز هذه القنوات وانتشارها. كما كان لها دور كبير في استقطاب الكثير من الاردنيين للعمل في الشبكة.
تشرفت وشاركت لينا في أكثر من مؤتمر عالمي وكانت لينا العربية الوحيدة، ومن النساء القلائل، المتواجدة في هذه المؤتمرات في مناصب قيادية. وجودي مع لينا في هذه المؤتمرات كان يمنحني شعور بالفخر والأعتزاز وانا اراقب هذه السيدة المقدسية الاردنية العربية تفرض احترامها وتقديرها على الجميع دون استنثاء.
أخيراَ، لا يمكن الحديث عن لينا دون الحديث عن هوايتها الغريبة. كما تميزت وانفردت لينا في عملها الاعلامي تميزت ايضاَ في هوايتها. لينا كانت تعشق البراكين! بداية العشق كانت من خلال الكتب والبرامج الوثائقية والاخبارية ليتطور هذا العشق بعد ذلك وتزور لينا معظم البراكين المشهورة في العالم ولتجمع لينا مجموعة كبيرة من الاحجار البركانية من أنحاء العالم. أتمنى على عائلتها ان لا تفرط بهذه المجموعة الفريدة وان يتم التبرع بها لاحدى الجامعات الاردنية المهتمة ليتم عرضها بأسم مجموعة احجار لينا غريس البركانية في متحف او مكتبة الجامعة.
رحم الله لينا غريس الاعلامية والمعلمة.
مصطفى وهبي التل