سواليف
أظهرت النتائج النهائية التي أعلن عنها الخميس، تراجع الحركة الإسلامية في الانتخابات النيابية التي أقيمت بالأردن الثلاثاء، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذا التراجع، وخصوصا أن الحركة أكدت سابقا لـ”عربي21″ توقعها فوز جميع قوائم التحالف الذي شكلته “في حال عدم وجود تدخل رسمي بالعملية الانتخابية”.
وحصلت الحركة الإسلامية على 10 مقاعد في النسخة الجديدة من مجلس النواب، من أصل 85 مرشحا ضمن قوائم “التحالف الوطني للإصلاح” وقائمة النشامى التي شاركت في العقبة مستقلة عن قوائم التحالف.
وكان التحالف الذي أسسه حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، قد حصل في انتخابات 2016 على 16 مقعدا.
تدخل رسمي
ورأى الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة، أنه “لا معنى لتقييم التراجع أو التقدم في الانتخابات بالأردن، مع وجود تدخلات رسمية، وبيئة سياسية واجتماعية غير مناسبة”.
وقال إن يد الحكومة كانت واضحة منذ اللحظة الأولى في هندسة الانتخابات، من خلال تفكيك قوائم وتشكيلها ودعمها لإضعاف قوائم التحالف الوطني للإصلاح، والضغط على مرشحين باتجاه عدم ترشحهم، وانسحب بعضهم بالفعل، ومنهم من كان مقعده مضمونا.
وأضاف العضايلة أن الأهم من ذلك كله؛ أن الحكومة صنعت بيئة مفعمة بالإحباط واليأس، من خلال حلها مجلس نقابة المعلمين وإحالة أعضائه إلى القضاء، والتخويف النفسي من الوضع الصحي بعد تزايد الإصابات بفيروس كورونا، وخصوصا مع إعلانها حظرا شاملا عقب الانتخابات مباشرة لمدة أربعة أيام.
وأشار إلى أن هذه البيئة أدت إلى انخفاض نسبة التصويت، حيث بلغت نسبة عدم المشاركة أكثر من 70 بالمئة، ووصلت في دوائر العاصمة إلى 90 بالمئة، “وهذا يؤكد أن المجلس القادم بدلا من أن يكون رافعة للبلاد؛ سيكون عبئا على الدولة”.
وأكد العضايلة أن الحكومة تركت المال السياسي يعمل بكل راحة وحرية، لافتا إلى أن “هناك شواهد مسجلة بالفيديوهات لعشرات الأسماء من المرشحين الذين كانوا يشترون الأصوات تحت ناظر السلطات، من دون تدخل حقيقي يلجم هذا الغول السياسي”.
وأضاف أن “المال السياسي كان منتشرا في جميع الدوائر لدرجة غير مسبوقة، وتغاضت عنه الحكومة خصوصا في الدوائر التي فيها قوائم للإسلاميين، ووثقنا كثيرا من هذه التجاوزات وسنعلنها في الوقت المناسب”، متابعا: “نأسف أن السلطة التنفيذية اندفعت إلى هذا المستوى من التدخل بطريقة ثقيلة جدا”.
وحول تأثير الخلاف الداخلي للحركة الإسلامية حول المشاركة أو المقاطعة للانتخابات على تراجعها؛ أقر العضايلة بأن “الخلاف حول ذلك كان شديدا، إلا أن ترجيح المجتمع التنظيمي لقرار المشاركة طوى صفحة الخلاف، واندفع الجميع يعملون معا لإنجاح مرشحي التحالف”.
واستدرك: “لكننا نعترف أننا لم نستطع أن نقنع المجتمع بالمشاركة، حيث رأينا أن المواطن مستعد أن يقف لساعتين في طابور الخبز، ولا يمارس حقه بالانتخاب ولو لعشر دقائق؛ لأن ثقته بالعملية السياسية معدومة”.
وأصدر العاهل الأردني عبد الله الثاني مرسوما في 29 تموز/ يوليو، بإجراء انتخابات نيابية، وذلك بعد ثلاثة أيام من اعتقال أعضاء مجلس نقابة المعلمين المنتخب ديمقراطيا، وإحالتهم إلى المدعي العام، وإغلاق مقرات النقابة لمدة عامين، ليتبع ذلك احتجاجات واعتقالات طالت مئات المعلمين، في ظل منع رسمي لوسائل الإعلام من النشر حول القضية.
ظروف استثنائية
ويرى الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، أن “ما جرى مع المعلمين كان من المفترض أن يدعم الحركة الإسلامية، إلا أن الحكومة قادرة من خلال مجموعة من الإجراءات على أن تضعف أي مكون.. الأمر في غاية البساطة، ويتم تحت مظلة القانون”.
واستدرك في حديثه بالقول إن “الحركة الإسلامية لم تتراجع، وإنما هناك ظروف استثنائية فُرضت عليها أدت إلى حصولها على عدد أقل من المقاعد”.
وتجلية لهذه الظروف؛ أوضح أبو هنية أن هناك عزوفا شعبيا عن المشاركة في الانتخابات، وخصوصا في المناطق الحضرية التي تنتشر فيها الكتلة الأساسية للإخوان المسلمين، كعمان والزرقاء وإربد، مضيفا أن قانون الانتخاب مصمم بطريقة تصعّب على الإسلاميين الوصول إلى البرلمان.
وتابع: “قبل الانتخابات؛ كانت هناك تسريبات واضحة ومقصودة بأن الإخوان لن يحصلوا على أكثر من 10 إلى 12 مقعدا، وبالتالي ليس مفاجئا ما حدث”.
وحول وجود أخطاء لدى الحركة الإسلامية أدت إلى تراجع حضورها في تشكيلة البرلمان الجديد؛ نفى أبو هنية أن يكون ثمة خطأ في تقديرات الحركة، مؤكدا أن كل حديث عن تراجعها هو كلام غير صحيح، لأن ما جرى متعلق بالأنظمة والقوانين الانتخابية غير العادلة، والنهج الحكومي الذي يريد أن يبقي على وجود رمزي للإخوان في الحياة السياسية.
وشارك في الانتخابات النيابية لهذه الدورة 1674 مرشحا ضمن 294 قائمة، منهم 1314 ذكورا، و360 إناثا.