
في تكرار لمشاهد كثيرة خرجت خلال #حرب_غزة، وثّقت #انتهاكات يُشتبه بأنها ترقى إلى #جرائم_حرب وفق القانون الدولي الإنساني، أثار مقطع فيديو نشره #جيش_الاحتلال الإسرائيلي، #موجة_تضامن واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويظهر في المشهد مقاتلاً فلسطينياً جريحاً في مدينة #رفح جنوب قطاع #غزة، ملقى على الأرض ومحاطاً بالجنود، في مشهد اعتبره ناشطون امتدادًا لسلسلة صور تنتهك الضمانات الأساسية للمعاملة الإنسانية المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف.
ويحظر القانون الدولي، بما في ذلك المادة (3) المشتركة من اتفاقيات جنيف، إهانة الكرامة الشخصية أو تعريض #الأسرى أو الجرحى للمعاملة القاسية أو المشاهد المُذِلة. كما يحظر استخدام صور المحتجزين لأغراض الدعاية العسكرية. ورغم ذلك، واصل جيش الاحتلال نشر المقطع باعتباره توثيقًا لـ”اعتقال مسلح” بعد إصابته في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وفي وقت سابق، قال جيش الاحتلال إنه قتل “أكثر من 40 مسلحاً” خلال الأيام الأخيرة في غارات وتفجيرات استهدفت أنفاقاً في منطقة رفح، معلناً أـمس الأحد قتل 4 مقاتلين خرجوا من الأنفاق في المنطقة التي انسحب إليها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير.
كما قال في بيانه إن قواته “عملت على مدى 40 يوماً في شرق رفح لتدمير ما تبقى من أنفاق تحت الأرض”.
غير أن الفيديو الذي نشره الجيش حمل، بالنسبة إلى كثير من المتابعين، دلالات مختلفة عمّا حاولت الرواية العسكرية إظهاره. إذ بدا المقاتل الجريح وحيداً، ملقى على الأرض وتحيط به القوات والطائرات المسيرة، لكنه بدا ثابتاً في لحظات المطاردة والإصابة، ما دفع ناشطين لوصف المشهد بأنه “توثيق لصلابة إنسانية” أكثر منه مشهداً لاعتقال.
تفاعل رقمي واسع
وعبّر مغردون عن مشاعر متباينة بين الألم والفخر، إذ كتب خالد صافي: “نشر المحتل مقطعًا يصوّر لحظة اعتقال أحد #رجال_المقاومة بعد إصاباته في رفح.. الرجال لا يُهزمون حين تُقيد أيديهم بل حين تنطفئ عزائمهم، وعزائم هؤلاء لا تنطفئ، وهذه شهادة على معدنهم؛ على صلابةٍ صيغت من نار الأنفاق”.
وأضاف: “سيذكُر التاريخ أن هؤلاء الذين خرجوا جرحى، خرجوا بعدما فقدوا كل مقومات الحياة، خرجوا بعد أن استنزفوا عتاد عدوٍ بأكمله، خرجوا بعد خذلان طويل من أمة كانت يومًا خير أمة”.
وكتب الصحفي محمد هنية: “من ذا الذي يرى هذا المشهد ولا يكسر؟ ابن رفح الذي قاتل حتى آخر ذرة ثبات وصبر، حتى آخر محاولة، احتضن ركامه، وحاول ألا يصل لهذه اللحظة.. لكنه خُذل من كل العالم.. وحُورب من كل العالم!”.
وقال نصر البوسعيدي: “وحيداً وجريحاً ومحاطاً بالجنود والطائرات. خاضوا معارك لا تُنسى ورفضوا الاستسلام رغم الحصار والجوع”.
وكتب هدى نعيم: “كلنا نعرف جيداً ماذا يعني اعتقال رجال النخبة وما المصير الذي ينتظرهم! صمتنا على حصارهم كمان نصمت على قبر تحت الأرض شيد لأجل تعذيبهم والتنكيل بهم مع منع لكل المؤسسات الحقوقية من زيارتهم!”.
ورأى ناشطون أن الفيديو لا يوثق لحظة اعتقال بقدر ما يوثق “امتداداً لصورة المقاتل الذي لا يُهزم بتقييد اليدين، بل حين تُطفأ عزيمته”، مؤكدين أن “عزيمة من ظهر في المشهد لم تُطفأ”.
وقال عزالدين دويدار: ” كان بإمكان المقاومة ان تصعد، لأجل إنقاذهم، لكن هذا سيدفع ثمنه المدنيين ويهدد اتفاق وقف الحرب، فأبت المقاومة إلا أن تضحي بأبنائها لأن أمة محمد خذلتهم، ولأن وسطاء العار خذلوهم ولم يقوموا بمسئوليتهم، الوسطاء الذين يهدرون الوقت حتى يستشهد آخر مقاتل بعد نفاذ آخر حبة تمر وآخر رشفة ماء.. فتنتهي المشكلة بالنسبة لهم”.
وتجاوز الجدل الواقعة نفسها إلى رمزيتها الإنسانية، حيث قال أحدهم: “نفتخر بأنهم لم يستسلموا، لكننا نسينا أننا نحن من استسلم للعجز واكتفينا بالمشاهدة”.
واختصر ناشط الموقف بقوله: “هذا ليس اعتقالاً. هذه شهادة على معادن لا تُصنع إلا تحت الأرض، في الأنفاق والليالي الطويلة. خرجوا جرحى بعد أن استنزفوا عدواً كاملاً، وخذلهم الجميع، لكنهم لم يخذلوا أرضهم”.
ولم يعلّق جيش الاحتلال على الانتقادات الحقوقية المرتبطة بنشر الفيديو، في وقت تؤكد فيه منظمات حقوقية دولية أن مثل هذه المشاهد تندرج في سياق نمط موثق من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجرحى والمحتجزين خلال النزاعات المسلحة.




