للنقاش الهادئ

#للنقاش _الهادئ

د. #هاشم_غرايبه

منذ أن بدأ العدوان الأمريكي على إيران بالمخلب الصهـ.يوني، نشب خلاف حول الموقف منه، الغالبية تعاطفت مع إيران، بعضهم انطلاقا من الأخوة الإسلامية، بعضهم تشفيا بالكيان اللقيط الذي طالما أثخن الأمة بالإعتداءات من غير أن يلقى ردا ولوبسيطا من تلك الأقطار المستهدفة، فكانت الضربات الصاروخية الإيرانية الصاعقة للعدو المتغطرس، فيها شفاء للنفوس المتعطشة للانتقام منه، وقلة لم تتمكن من نسيان ما أذاقته إيران للشعبين العراقي والسوري، تحت عنوان محاربة الإرهاب السني، بدافع من التعصب المذهبي، فذهب هؤلاء الى التشفي بما أصاب الطرفين قائلين: اللهم اضرب الظالمين بالظالمين.
بين هؤلاء وهؤلاء اندست طائفة خبيثة، هم الموالون للأنظمة المتصهينة والتي توالي أعداء الله تبعية وعمالة، ووظيفتها الموكلة اليها من قبل سيدتها الإمبريالية الغربية، هي محاربة أية محاولة لعودة الدولة الإسلامية، فسياستها داخليا هي قمع أية حركة دعوية فكرية أو سياسية تطالب بتطبيق منهج الله، والبطش بمن يؤيدها من الدعاة والمفكرين، وتعتبرهم ارهابيين.
وسياستها الخارجية قائمة على انتهاز كل فرصة لتعميق الخلاف السني – الشيعي، وأي خلاف آخر يفاقم شرخ الأمة الإسلامية، وإفشال أي جهد يصب في تشكل محور اسلامي يتجاوز الخلافات.
هذه الفئة اجتباها الحكام المتصهينون من شيوخ السلاطين وأتباعهم بالمال، لتضفي غطاء شرعيا على أفعالهم الخسيسة بحق الأمة، وهي مكونة أساسا من جماعات تدّعي انتماءها الى السلفية، لكنها بعيدة كل البعد عن منطلقاتها الإيجابية، فلا تأخذ منها الا عقيدة طاعة ولي الأمر ولو خالف كتاب الله، وهي عقيدة باطلة ليس لها أساس شرعي، لمخالفتها للقاعدة الشرعية الصريحة: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
لكي يكون المرء على بينة، ولا يقع في الفتنة فيخسر دنياه وآخرته، عليه أن يتبين مواضع قدميه، فلا ينجر من حيث قد لا يعلم الى تأييد أو تقبل أفكار المتصهينين العرب.
الفيصل للمؤمن في مسألة الوقوف مع إيران في هذه الحرب أو ضدها، هو شرع الله.
فليس من يقول ان إيران هي المدافعة الوحيدة عن الأمة وأن على يدها سينتصر الإسلام محق، ولا الذي يقول إنها لا تختلف عن الصهيونية في العداء للأمة.
1 – بداية يجب أن نعلم إن إيران دولة ذات تاريخ عريق، لا تقبل ان تهمش ولا ان تنتهك سيادتها، ولها مشروعها القومي الخاص بها، ومن الطبيعي أن يتناقض مع المشروع القومي العربي، لذلك فلا يعيبها أن ما تفعله اليوم هو ليس دفاعا عن فلسطبن ولا انتصارا لأمة العرب المهزومة، بل هو لمصلحتها كدولة، ويخدم مشروعها.
ومن غير المنطقي ان نطالبها بالتصدي للعدو، ونتهمها أنها بذلك تسعى لنشر مذهبها وتحسين صورته، فيما نتغاضى عن موالاة الأنظمة العربية للعدو، بل والاصطفاف معه في عدوانه على القطاع.
نعم هي تملك مشروعا توسعيا في المنطقة باستثمار التعصب المذهبي، لكن المشكلة هي أننا لا نملك أي مشروع بالمقابل للإسلام السني، بل جميع الأقطار العربية السنية معادية لأي مشروع اسلامي سياسي.
2 – تأييد ايران في معركتها الحالية واجب شرعي، وليس مجرد اصطفاف سياسي، والدليل فتوى لابن تيمية، عندما سئل في رجل يعتبر أهل الكتاب أقؤب اليه من الشيعة، وجاء فيها: ” كل من كان مؤمنا بما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام مفضل على من كفر به، ولو كان هذا المؤمن من اصحاب البدع كالخوارج والشيعة والقدرية وغيرهم، فإن اليهود والنصارى كفار كفرا صريحا معلولا بدين الاسلام”.
3 – تأييد موقف جهة ما لا يعني تأييدها في كافة المواقف، فنحن نترضى عن معاوية كصحابي وكاتب وحي، وندعو له، لكننا لا نؤيده في موقفه في منازعة علي على الخلافة، ولا يجوز انكار فضل الحجاج في أنه يعتبر أكثر من قام بالفتوحات، مع أنه أكثر من قطع الرؤوس بغير حق.
وكذلك فإن تأييد إيران في معركتها الحالية والوقوف معها، لا يعني نسيان ما فعلته من جرائم بحق المسلمين، فكل موقف يحسب على حده.
4 – الكيان اللقيط عدو أساسي، وما فعله بالمسلمين لا يجوز مقارنته مع أفعال غيره، لذلك لا يحل شرعا الاعتراف به كدولة أوالتطبيع معه، وأي دولة عداه يمكن إقامة علاقات مصالح معها.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى