
للفقر جيوب
يوسف غيشان
تعجبني نغاشتنا نحن الأرادنة التي ينكرها الكثيرون علينا، حتى من أبناء جلدتنا وإليتنا، إنها نغاشة متميزة، تجعل من الفقر – الفقر ما غيره-مالكا كبيرا وإقطاعيا مهما، أي أننا نجمع المتناقضات والمتباينات في شيء واحد ضاربين بديالكتيك أنجلز وماركس، وهيجل من قبلهم، عرض الحائط وطوله…. لا بل نحوله إلى مزبلة التاريخ، خردة يأنف عن جمعها باعة المشروبات الغازية.
إذ حتى الفقر عندنا يمتلك خطا، فهناك من هو تحت خط الفقر … وهناك من هم فوقه … وهناك من هم على الحافة. وهناك من هم على الخط مباشرة. يأكلون ويشربون ويتناسلون إلى الأبد، لا يـتأثرون بارتفاع الأسعار ولا يؤثرون، لا يتأثرون
بالمجريات السياسية ولا يؤثرون، لا يتأثرون بالديمقراطية ولا يؤثرون…. هم مجرد موتى سريريون على خط الفقر بانتظار إشهار الوفاة رسميا… أو الوقوع إلى الدرك الأسفل، أو الصعود… وهذا شبه مستحيل، في بلد يولد فيه أبناء الوزراء وزراء بأثر تقدمي.
أما ما يزيدني عجبا واستغرابا، فهو ما نسميه (جيوب الفقر)، وهذا تناقض وتضاد صارخ، لا افهمه… فما حاجة الفقر إلى جيوب ما دام فقرا، وماذا يضع بجيوبه…ماعدا (القشل والبين) ؟؟!!
أما ما يؤلمني ويقتلني فهو اعتبار الفقراء مجرد (فئات أقل حظا) لكأن مقدرات المجتمع وثرواته وفرصه في العمل والحياة الكريمة (التي نص عليها الدستور) يتم توزيعها باليانصيب.
مما يعني ان الفقراء يتحملون مسؤولية فقرهم. أو بالأحرى لا تريد الحكومات تحمل وزر هذه المسؤولية بل تحملها لجهات مسئولة عن ذلك اليانصيب…يانصيب الحظوظ !!
هكذا يريدون تحويلنا من شعب يقاوم الفقر الى شعب يندب حظه العاثر.