الحرحشي … لعضو مجلس الأعيان حق الترشح للانتخابات.. ولكن؟

سواليف – إحقاق

قال المحامي إسلام الحرحشي مدير مركز إحقاق للدراسات والاستشارات في معرض تعقيبه على الاستشارة الصادرة عن ديوان التشريع والرأي بخصوص حق عضو مجلس الأعيان الترشح للانتخابات النيابية دون وجوب تقديم استقالته من مجلس الأعيان ما يلي:
أولاً: إن ديوان التشريع والرأي لا يصدر عنه فتوى ملزمة، ولكن ما يصدر عنه مجرد رأي قانوني غير ملزم (استشارة قانونية) غير ملزمة لأية جهة رسمية أو غير رسمية، فضلاً أن هذا الرأي أو الاستشارة غير ملزمة حتى للجهة طالبة الرأي أو الاستشارة، وهذه الجهات التي لها حق طلب الرأي والاستشارة بحسب نظام ديوان التشريع والرأي هي: الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية العامة والسلطات المحلية، وذلك فيما يعرض لها من حالات اثناء قيامها بأعمالها او فيما يقع بينها من تباين في وجهات النظر والاجتهاد في الامور المتعلقة بمهامها وصلاحياتها والاختلاف في تطبيق النصوص القانونية.

ثانياً: إن ديوان التشريع والرأي مشكوك في دستورية صحة وجوده القانوني، فالمادة (3) من تقضي بأن يؤسس في رئاسة الوزراء ديوان يسمى (ديوان التشريع والرأي) يرتبط بالرئيس ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري،
فكيف يكون هذا الديوان مستقلاً مالياً وإدارياً، وهو منشأ في رئاسة الوزراء ومرتبط برئيس الوزراء ومنشأ بموجب المادة (120) من الدستور التي تقضي بأن تشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها واسماؤها ومنهاج ادارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والاشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك،
إن هذا الديوان (ديوان التشريع والرأي) هو مجرد دائرة من الدوائر الحكومية ولا يمكن أن يكون وحدة إدارية لها شخصية اعتبارية ومستقلة مالياً وإدارياً بحسب ما جاء في نظامه، فالوحدة الإدارية التي تتمتع باللامركزية الوظيفية لكي تكون مستقلة مالياً أو إدارياً يجب تنشأ بموجب قانون (وليس نظام)، فقد جاء في قرار المحكمة الدستورية الأردنية التفسيري رقم 1 لسنة 2015 ما يلي:
((وبعد التدقيق والمداولة، ومن خلال استعراض النصوص الدستورية ذات الصلة بطلب التفسير تجد المحكمة أنها تتعلق بتنظيم الإدارة في المملكة الأردنية الهاشمية بنوعيها الإدارة المركزية والإدارة اللامركزية، حيث تعتبر المادة (120) الأساس الدستوري لكل ما يتعلق بإنشاء الوحدات والأجهزة والسلطات المركزية التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية من حيث تقسيماتها ومباشرتها لمهام عملها وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسمائها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم، حيث يشترط المشرع الدستوري تنظيم مثل هذه الأمور بأنظمة مستقلة تصدر عن مجلس الوزراء بموافقة الملك، ولا يجوز إنشاؤها أو تنظيمها بقانون.
والغاية الدستورية التي تقررت من أجلها إسناد الاختصاص الأصيل في إصدار الأنظمة المستقلة ذات الصلة بالأجهزة الإدارية المركزية للسلطة التنفيذية تكمن في أنها تعد وحدات إدارية متمركزة في العاصمة ولها فروع ووحدات إدارية غير مستقلة منتشرة على نطاق الإقليم، يكون مجلس الوزراء الأقدر على تحديد نطاقها وطبيعة الخدمات والأنشطة العامة التي تقدمها. فهذه الوحدات والأجهزة الحكومية تبقى مرتبطة بالسلطة الإدارية المركزية في العاصمة التي تمارس عليها سلطة رئاسية مفترضة تمتد لتشمل سلطة الإدارة المركزية على أشخاص هذه الوحدات والأجهزة الإدارية وعلى أعمالهم وتصرفاتهم وقراراتهم، فلا تتمتع هذه الأجهزة المركزية، سواء تلك الموجودة في العاصمة أو المنتشرة في الأقاليم، بأي استقلال مالي أو إداري في مواجهة الحكومة المركزية.
كما أن الغاية من تنظيم الأجهزة الإدارية المركزية بنظام صادر عن مجلس الوزراء تتمثل في أن الحكومة المركزية لا تتخلى عن جميع صلاحياتها للوحدات والفروع الإدارية التابعة لها في العاصمة وتلك المنتشرة في الإقليم، بل تبقى هذه الوحدات خاضعة لها برابطة التبعية وذلك من خلال حق الحكومة المركزية في تعيين الموظفين في فروع ومراكز الإدارات المركزية. كما تخضع القرارات التي تصدر عن هذه الفروع لموافقة وتصديق الحكومة المركزية بقدر ما يثبت لها حق تعديل هذه القرارات بما لها من سلطة رئاسية على الموظفين العاملين في هذه الإدارات المركزية. وهذا كله يعزى إلى أن هذه الإدارات المركزية لا يكون لها شخصية قانونية مستقلة عن الحكومة المركزية، وبالتالي لا يكون لها استقلال مالي وإداري في مواجهتها.)).

ثالثاً: أما بخصوص السؤال المطروح، هل يجب على عضو مجلس الاعيان الذي يرغب في الترشح في الانتخابات لمجلس النواب الاستقالة من العضوية في مجلس الاعيان مثل الفئات الوارد ذكرها في المادة (11) من قانون الانتخاب؟
وللإجابة على هذا السؤال القانوني، كان ينبغي على رئيس الوزراء أن لا يوجه طلب الاستشارة لديوان التشريع والرأي لبيان الرأي القانوني فيما اذا كان يتطلب من عضو مجلس الاعيان تقديم استقالته لغايات الترشح للانتخابات النيابية لمجلس النواب وكذلك انطباق أحكام الفقرة (أ) من المادة (11) من قانون الانتخاب لمجلس النواب، فديوان التشريع والرأي يعنى بالوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية العامة والسلطات المحلية، وذلك فيما يعرض لها من حالات اثناء قيامها بأعمالها او فيما يقع بينها من تباين في وجهات النظر والاجتهاد في الامور المتعلقة بمهامها وصلاحياتها والاختلاف في تطبيق النصوص القانونية، ويخرج عن اختصاص لديوان التشريع والرأي إبداء الرأي والاستشارة في التطبيقات القانونية لقانون الانتخاب ويخرج عن اختصاصه أيضاً المسائل المتعلقة بمجلس الاعيان والعضوية فيه.

رابعاً: إن الجهات التي يكون رأيها وتفسيرها ملزماً هي المحاكم أو المحكمة الدستورية أو الديوان الخاص بتفسير القوانين، ولذلك نرى أنه إذا ترشح عضو مجلس أعيان للانتخابات النيابية القادمة دون أن يقدم استقالته من مجلس الاعيان، يمكن الطعن في طلب ترشحه لدى محكمة الاستئناف، وعندها سوف يتم البت في مسألة وجوب تقديم الاستقالة من عدمه.

خامساً: وإذا كان لنا أن نبدي رأينا في مسألة وجوب تقديم عضو مجلس الاعيان الاستقالة من عدمه، فنحن نرى أنه ينبغي على عضو مجلس الأعيان الذي يرغب في الترشح لعضوية مجلس النواب أن يقدم استقالته، وهو غير ملزم بمدة الـ (60) يوماً الواردة في المادة (11) من قانون الانتخاب، ونستند في هذا الرأي على قضت به المادة (76) من الدستور التي لا تجيز الجمع بين عضوية مجلس الاعيان ومجلس النواب، ففي حالة فوز العين يجب أن يستقيل من عضوية مجلس الاعيان، وفي حالة فشله في الانتخابات ينبغي عليه أن يستقيل كونه فقد متطلباً مفترضاً في عضو مجلس الاعيان وهو حيازته على ثقة الشعب، فينبغي أن لا يكون عضواً في مجلس الأعيان من تم اختبار ثقة الشعب به وثبت فشله في حيازة هذه الثقة وهذا ما تقضي به أحكام المادة (64) من الدستور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى