لا ولن يستوي #الخبيث و #الطيب
#نايف_المصاروه.
الخُبْيث في اللغةً: الخُبث: مصدر، والخَبِيثُ: هو كل نجس وضار للصحة والسلامة، وهو ضِدُّ الطَّيِّبِ مِنَ الرِّزْق والولدِ والناسِ.
ويَخْبُث خَبَاثة وخُبْثًا: صار فاسدًا رديئًا مكروهًا، والمُخْبِثُ: الَّذِي يُعَلِّمُ الناسَ الخُبْثَ.
وأَجاز بعضُهم أَن يُقَالَ لِلَّذِي يَنْسُبُ الناسَ إِلى الخُبْثِ: مُخْبِثٌ.
والخُبْث اصطلاحًا : هو إضمار الشَّرِّ للغير، واستعمال الغِيلة والمكر والخديعة في المعاملات، مع الحرص على الظهور بمظهر المحب الحريص،تماما كما يفعل بعض الخلق ممن يمارون،أو يمارسون ” التقية ”، أو من يظهرون بمظهر اهل الإيمان، وهم يمارسون القتل ويرتكبون افضع الجرائم وابشعها واشنعها.
تتفاوت درجات الخبث والخبائث او التخبيث، كما تتفاوت مسميات الخبثاء، فمنهم صديق أو قريب يظهر الود وباطنه كالبركان يغلي حقدا وغلا.
التمر من أطيب الطيبات، والمخدرات والمسكرات بعمومها هي أم الخبائث.
ومن الخبث، تخبيث التمر او عجينته، ومثله كل طيب وحلال في أصله، ومزجها بالخبائث من المخدرات وسمومها ، في محاولة بائسة ويائسة للتهريب والدجل.
ومن الأمثلة على ذلك، فقد تمكن رجال الجمارك والاجهزة الأمنية، الساهرين على أمن حدود الكرامة، من إحباط تهريب 6 مليون حبة من الكبتاجون المخدر، بما يعادل 1000 كغم.
وتتلخص الواقعة، انه وأثناء التفتيش الدقيق والمعاينة الفعلية، لشاحنتين “براد” تحملان لوحة اجنبية، قادمتين من إحدى الدول المجاورة، وجدت الحبوب الكبتاجون المخدرة، مخبأة بطريقة احترافية، داخل عجينة التمر،
وبشكل يصعب كشفها، حيث تم اخفاؤها بداخلها ضمن شحنة كراتين التمر .
بحسب تقديرات اهل الإختصاص، تعد هذه العملية واحدة من أكبر وأضخم الضبطيات لحبوب الكبتاجون عددًا واحترافية، والتي حاول أهل الإجرام من تجار المخدرات ادخالها إلى البلاد.
الحرب على المخدرات، لا تقل أهمية عن الحرب على عصابات الإرهاب وأهل الإجرام وكل الأعداء، وكل له طريقة في المواجهة.
وما يعنيني هنا هو خطر المخدرات، فإن مكافحتها والتحذير من شرورها واخطارها، واجب شرعي ووطني، يقع على عاتق كل مواطن وفرد في المجتمع.
قلت سابقا..وأقول أيضا .. .إن لم نتنبه ونكون على حذر، فإن شر اهل الإجرام وتجار المخدرات لنا بالمرصاد ، وسيصل لي أو لك أو لنا جميعا شررهم ، ويصيبنا ضررهم لا قدر الله.
وعليه فإن على الجميع، ” الوعي والصحوة ” ، لتجنب مخاطر المخدرات واضرارها، والأهم هو معرفة أهداف وغايات، من يجند أو يمول ويدير شؤون تلك العصابات والشبكات .
ومن ذلك الوعي.. أولا ..العلم الأكيد بأن كل حبة أو ذرة من مخدر، يتم تسويقها داخل بلادنا، فتباع أو تشترى ،هي حرام شرعا وممنوعة قانونا؛
ومن الوعي أيضا… أن كل دينار تحرقه في سبيلها، فتحرق به نفسك وأسرتك، يسهم بزيادة وقوة نشاط تلك القوى والعصابات، ومن يقف خلفها ، فيفتح شهيتهم ليدفع بهم ولهم أكثر ، ليحققوا هدفهم الذي يسعون ويخططون له ليل نهار، وهو النيل من أمن بلادنا واستقرارها، والتمكن من مجتمعنا الشهم والأشم ، بإشاعة الجرائم من خلال تهريب وبيع المخدرات وسمومها.
ومهم جدا..ضرورة الوعي، بأن كل حبة من المخدرات تباع او تشترى وتستهلك، هي حبة شر في جسدك، وسهم في مقتل لعقيدتنا الصحيحة، التي يسعى بعض أهل الشر من اهل الطائفية، للقضاء عليها وبث ونشر أفكارهم ومعتقدهم الضال والمنحرف.
وكل ذلك يعني، ان حربنا على المخدرات وعصاباتها، هي حرب التحدي للبقاء او الفناء، فهل نحن كأردنيين على قدر هذا التحدي؟
كل منا يسأل نفسه، ما هي فوائد تعاطي سموم المخدرات، وما هي أضرارها؟
كم سمعنا.. انه وفي سبيل نزوة عارضة من أب أرعن او إبن عاق أو أخ عابث أو غيرهم ،فباع بعضهم بعدها دينه ونفسه وعرضه ودياره لشياطين المخدرات… ؟
والسؤال لكل عاقل… هل بيع الدين والعرض والوالدين والأولاد هين ويسير وسهل، لهذه الدرجة ؟
يقينا كعاقل اقول، ولا بكل الدنيا وما فيها والى قيام الساعة، ولكني اسأل من يعاقر المخدرات ويألف تعاطيها.. إلى متى… وما هو المقابل ؟
أخاطب… كل أردني وعربي ومسلم حر وشريف، فأقول..؛
إن شر المخدرات وخطرها عظيم، وقد اثبت ذلك بشاعة وقذارة الجرائم التي ارتكبت تحت تأثير المخدرات ، كذاك الذي قطع رأس والدته!
أو كالذي.. قتل والديه وأشقاءه!
او كالذي أحرق أولاده ثم اعقبهم بنفسه!
أو كذاك الذي إعتدى على عرضه، أو قتل او سرق او اختلس، وغيرها الكثير.
فهل يستوي الخبيث والطيب؟
وهل يستوي حب الوالدين والأولاد والاشقاء مع حب الهوى والشهوات الزائلة؟
واقول لكل عاقل أيضا.. إياك ثم إياك واحذر ان تغتر بما ترى او يقوله بعض الخبثاء… ، بأن فلانا اغتنى لتجارته بالممنوعات؛
ومع انه ظاهري واقع ومشاهد، لكن لتعلم يقينا أولا واخيرا، إن تلك الأموال التي تتأتى جراء التجارة الحرام، هي حرام أيضا ،وما نبت لحم من حرام فالنار أولى به.
والسعيد من وعظ بغيره، فانظروا إلى الويلات والنكبات التي حلت بهم، وإني لأعرف بعضا منهم، من قتل أبناءه وبعضهم سجن، وبعضهم أعتدي على عرضه،وأكثرهم في السجون، وربما في مراكز العلاج للتخلص من آثار الإدمان، فطباخ السم يتذوقه، ولا تنسوا..إن موازين العدل في الدنيا، كما تدين تدان، ولعذاب الأخرة أشد وابقى.
والخطاب الرباني التالي لي ولك ولكل مؤمن {قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} الآية 100سورة المائدة.
هذا التنبيه. فاين اهل الألباب؟
أعجب من البعض، يؤمن ويسلم، بأن لحم الخنزير محرم ولا يأكله ، وهو كذلك محرم ولا خلاف عليه ، لكن العجيب.. ان بعض أولئك الذين لا يقربون لحم الخنزير لانه محرم، يعاقرون المخدرات والمسكرات، مع انها أيضا محرمة، بل إن ضررها العام والخاص أشد واخطر؛
وأحذر وإياك ثم إياك، إن تسمع لما يروجه بعض الخبثاء أيضا، بأن فلان ” زهزه وتجلى، أو نسي همومه ” بعد تناوله لحبة او لفة؛
إحذر وانتبه، فتلك مصوغات إبليس وجنوده، للوقوع في شراك المخدرات وويلاتها،فكم من الأشخاص كانت تلك البداية لإدمانهم وخراب ديارهم.
والسؤال لي ولك وللجميع، ماذا بعد تلك اللحظات من الزهزة والجلي ولحظات النسيان، وإلى متى سيبقى ذلك؟
وما هو الثمن والبديل؟
وهل نسيان الهموم، وسيلة صحيحة للخروج منها، أم بمواجتها ومعرفة أسبابها ومحاولة التغلب عليها شيئا فشيئا!
اما على الجانب الرسمي.. وبعد أن تأكد أن حربنا على المخدرات وعصابات تهريبها، حرب وجود وبقاء او زوال وفناء ، فإن الواجب يقتضي أولا:~زيادة ومضاعفة جهود التوعية بمخاطر المخدرات، من خلال وسائل الإعلام وكافة وسائل التواصل الإجتماعي، والتركيز على ذكر قصص الإدمان، وفضح أهل الإجرام، وبيان الجرائم التي ارتكبت تحت تأثير المخدرات وسمومها.
وثانيا :- يجب إعادة النظر بقانون العقوبات لتعديله، لتصل العقوبة إلى الإعدام لكل تاجر ومروج، ومصادرة كل الأصول المالية العائدة لهم .
وفي ظل زيادة أعداد قضايا التعاطي، يجب وضع تشريع قانوني بحق المتعاطين ، لتكون فترة الحضانة والعلاج من سنة إلى 6 أشهر، يتخللها برامج مكثفة وحقيقية من التوجيه والمراقبة،والتشغيل الإلزامي لخدمة المجتمع.
ختاما.. أعيد القولة والتأكيد على أن مكافحة عصابات المخدرات،ومنع تهريبها والوقوف لها بكل حزم ،وعدم قبول فكرة الإتجار بها او ترويجها او تعاطيها، هو واجب شرعي ووطني،يقع على عاتق كل فرد في المجتمع، ويتجلى ذلك اولا بالتوبة والإقلاع عن معاقرة تلك السموم والتخلص من آثارها.
وثانيا بالتعاون مع كل الجهات ذات العلاقة بالإبلاغ الفوري، عن كل شخص يشتبه به بالإتجار او الترويج او التعاطي،فإن في ذلك تعاون على الخير، يكون فيه حفظ للنفس والأهل والمجتمع والوطن باسره، ولنا في أجر ومثوبة، كما أن الصمت والسكوت والخوف من المواجهة او الإبلاغ، هو بمثابة التعاون على الإثم والعدوان، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وهو شريك بالإثم والوزر، وأقراوا قوله تعالى ”{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ’} .
ختاما.. شكرا جزيلا لكل فرد في مجتمعنا او غيره، بذل او يبذل جهده، في سبيل الوقاية وحماية الأمة كلها من شرور المخدرات، وخطر الإرهاب وويلات الإجرام.. وابلغ القول.. جزاكم الله خيرا.
كاتب وباحث أردني.