كلام الهيئة

مقال الثلاثاء 19-9-2017
النص الأصلي
كلام الهيئة
تقول النكتة أن طبيباً جاء يصارح مريضه بحالته الصحية فاحتار من أين يبدأ ، ثم أوحي له ان يقوم بعملية توازن بين التفاؤل والتشاؤم مهما كان الأول طفيفاً والثاني متغولاً متوحشا..فقال الطبيب للمريض:
– حجي كيفك اليوم؟
– المريض: الحمد لله..
– الطبيب: حجي في خبرين الك.. واحد سيء والثاني كويس
– قال المريض: خلينا نبدأ بالسيء عشان “نتحلّى” بالكويس..
– الطبيب: الخبر السيء انه اضطرينا نقطع رجليك الثنتين..
– المريض: ولّ..يا ربي لطفك..يا ربي شو هاظ.. يا ربي كيف صار فيه هيك!..والخبر الكويس يا دكتور..
– الطبيب: الخبر الكويس انه لقينا لك بيعة للكندرة!.
***
تماماً هذا ما حصل في المؤتمر الصحفي الذي عقد أول أمس في مبنى هيئة مكافحة الفساد ،حيث طالعنا د. محمد العلاف رئيس الهيئة بالخبر السيء أولاً..بأن القضايا التي وردت للهيئة من ديوان المحاسبة وفيها مخالفات صريحة منذ عام 2009 الى عام 2015بلغت 125 مليون دينار تقريباً..لكنه كحّلها بالخبر الجيد أنه تم استرداد 2 مليون 335 الف دينار فقط من هذه المبالغ..
من الــ125 مليون دينار تم تحصيل فقط 2 مليون ، طبعاً لم يأتِ على ذكر الهبشات الكبيرة كالفوسفات والبيع التي حصلت في بداية هذا القرن السعيد لأن الذي فات مات ..دولة بكل أجهزتها الأمنية والرقابية والاجرائية والتحصيلية لا تستطيع ان تسترد أكثر من 2% من قيمة الأموال التي تم سرقتها او اختلاسها او هدرها من المال العام على مدار ست سنوات ،طيب الا يستحق هذا إشارة استفهام كبيرة جدا؟ ما الذي يمنع الدولة “بسلطاتها ” من استرداد أموال تم البت فيها على أنها أموال مسروقة من المال العام؟… الجواب قد يأتي في سياق ما وصلني من أحد الأصدقاء الثقاة الذي قال :جرى انه تم مطالبة شخصية متنفّذة بمبلغ مالي كبير كمستحقات تحصيلية وفق ديوان المحاسبة بعض من أركان الحكومة والشخصيات السياسية الوازنة صاروا يضغطون ويجرون اتصالات يومية على رئيس الجهة التحصيلية لشطب المبلغ المطلوب ا تخيلوا ( الحكومة والرموز السياسية ) هي من تعرقل التحصيل ..هل عرفتم لماذا لا نحصّل أموالنا المهدورة ،لأن من يدير اللعبة هو جزء من الفساد بل هو أبو الفساد كله!!.
**
للأمانة لم يعجبني ايضاَ كلام رئيس الهيئة حول انهاء عقد المهندسة هدى الشيشاني مديرة العطاءات العامة ،حيث تحدّث عن خلافها مع وزير الأشغال بأنه عائد الى انتمائهما (الشيشاني وهلسة) الى مدرستين مختلفتين..فمدرسة الشيشاني تقوم على التأني والتحقق ومدرسة هلسة تقوم على التنفيذ وسرعة الانجاز…ثم حاول تلطف الاختلاف قائلاً:”الهيئة لم تشعر بارتياح للعطاء الذي تحمّس له الوزير هلسة فتم الغاؤه”..ما معنى لم تشعر بارتياح؟ نفاخ ؟ حرقة؟ قولون عصبي؟…هل هناك بيانات ودلال تشير الى فساد وتنفيع ام لا؟؟ لا يوجد معنى لكلمة “ارتياح” في مكافحة الفساد!!…إما فساد قاتم او نزاهة ناصعة..
أرجوكم لا تجاملوا على حساب وطنكم ولا تخافوا أحداً..”الكراسي” تملاً سقف السيل كلها رميت بعد ان استعملت من قبلكم ، فلا تخافوا على الكرسي ..كما انني لا أستطيع أن أفهم تبرير الهيئة كيف تم تقديم الحماية للمهندسة الشيشاني الحاصلة على جائزة التميز وقد رفضت رئاسة الوزراء تجديد عقدها (على إثر كشف المستور)؟؟ أين الحماية في الموضوع؟؟..الحماية لا تتم خلال سريان العقد فقط هذا يحفظه القضاء وفق بنود العقد ..الحماية يجب أن تشمل عدم الانتقام من المواقف بالإقصاء وعدم التجديد والاتهامات الباطلة..

يا ايها المخلصون الشرفاء..لا تجاملوا الباطل فتصبحوا جزءاً منه.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى