
د. #هاشم_غرايبه
التضليل الأكبر في التاريخ البشري هو قصتا: شعب الله المختار وأرض الميعاد، فهما كذبتان لا أساس ديني لهما، ولا يمكن لله الذي خلق الناس جميعا من آدم، وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ويتعاونوا على البر والتقوى، وحدد معايير التفاضل بينهم بمقدار التقوى وليس بالأنساب ولا الأعراق، لا يمكن أن يختار شعبا محددا يعطيه السيادة على الآخرين، ويمنحهم الحق في ارض يملكها الغير وطرد أهلها منها وممارسة كل الشرور بحقهم.
هل هذا يتوافق مع عدالة الإله؟.
وإن كان هؤلاء من العصاة ومن معادي رسالاته وقاتلي أنبيائه..فهل من المنطق أن يكافئهم الله على ذلك أم يعاقبهم ويلعنهم ويكتب عليهم الذلة والشتات!؟.
الحقيقية هي ما أورده الله تعالى في القرآن، وهي أن الله بعد أن انقذهم من ظلم فرعون، وجههم الى أن يسكنوا الأرض المقدسة فرفضوا إلا بعد أن يخرج أهلها منها، فعاقبهم الله بالتيه.
من المهم أن نعرف ان الأرض المقصودة التي سماها اليـ.ـهود أرض الميعاد ليست فلسـ.ـطين بل هي منطقة طور سيناء، وهذه التسمية حديثة اعتمدتها الحركة الصـ.ـهيونية والتقفتها بريطانيا لأنها تحقق أحد بنود مؤتمر كامبل، والدليل القرآني على أنها ليست فلسـ.ـطين ما يلي:
1 – منطقة فلسـ.ـطين وما حولها معرّفة في كتاب الله بوضوح بأنها المباركة وليست المقدسة، لقوله تعالى: “المسجد الأقصى الذي باركنا حوله” [الإسراء:1]، وأكد مرة أخرى أنها المباركة: “وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ” [الأنبياء:71]، وثابت تاريخيا أن هذه الأرض هي بلاد الشام.
2 – منطقة الطور هي المنطقة المقدسة لقوله تعالى: “إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى” [طه:12] وقوله تعالى: “هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى” [النازعات:10]، وهو المكان الذي كلم الله فيه موسى أول مرة عندما رأى نارا: “فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” [النمل:8-9].
نالت هذه البقعة القدسية لأنها البقعة الوحيدة في الأرض التي تجلى فيها الله سبحانه لبشر، فكان موسى الوحيد الذي كلمه مباشرة لكن محجوبا عن رؤيته، وعندما طلب رؤيته عيانا أخبره أنه لن يمكنه ذلك وأراه دليلا يقنع عقله عندما تجلى الله للجبل فجعله دكا، مرأى ذلك جعله يخر صعقا فاقتنع.
3 – ومما يدل على أن هذه المنطقة هي المعنية بقوله تعالى على لسان موسى: “يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ” [المائدة:]، أنها الأقرب الى مصر من فلسطين، حيث أن الله كان وعد بني اسرائيل ان يعيدهم الى موطنهم (مصر) الذي كانوا يقطنونه منذ أن هاجر اليه أبيهم (يعقوب) بعد أن مكن الله لإبنه يوسف فيه، وذلك في قوله تعالى في وصف ما حل بفرعون وقومه: “فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ” [الشعراء:57-59]، لكن التاريخ يبين لنا أن هذا التوريث لم يتحول الى واقع، فما عاد بنو اسرائيل الى مصر قط، وذلك لأنهم عصوا الله عندما رفضوا دخول الأرض المقدسة في سيناء، فحرمهم من العودة الى مصر.
4 – حتى يعقوب عليه السلام وأبنائه، كانوا مقيمين في سيناء وليس في فلسطين، بدليل قوله تعالى على لسان يوسف: “وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ” [يوسف:100]، فقد كان يقطن فلسـ.ـطين الحضر، وأما سيناء فكانت مزدهرة وعامرة بأقوام من البدو، كونها الطريق بين مصر وحضارات غرب آسيا، وشرقها مدين التي ارسل الله فيها شعيبا والتي لجأ اليها موسى بعد هربه من مصر وأقام فيها ثماني سنين قبل بعثته.
5 – كانت بين مناطق الشام وفلسـ.ـطين وسيناء والحجاز ومصر تواصل دائم، وتتنقل الأقوام فيها بحسب تبدل المناخ بين خصوبة وجدب، لذلك بعد زمن طويل، ومن ضمن تلك الهجرات، كان انتقال بني اسـ.ـرائيل الى فلسـ.ـطين بقيادة طالوت، واستوطنوا فيها، وبعده تولي داود ثم سليمان النبيين المسلمين الملك، وتوسعت مملكتهم وعلت علوا كبيرا، ودامت ثمانين عاما، ثم دولة الحشمودائيم، التي أفسدت في الأرض فأرسل الله بوعده الأول عليها “نبوخذ نصر” فأبادها ولم تدم سوى ثمانين عاما.
هذه هي الحقيقة، لأن مصدرها كتاب الله.