كرة القدم..لماذا هي قيمة للمُغالبة والسلوك الكتلي المُنفعل لدى جماهيرنا العرببة؟

#سواليف

#كرة_القدم..لماذا هي قيمة للمُغالبة والسلوك الكتلي المُنفعل لدى جماهيرنا العرببة…؟ رؤية تحليلية..
ا.د #حسين_طه_محادين*
(1)
علميا ولغايات الرصد والتحليل الموضوعي ، لا يمكن عزل مسيرة وسلوكيات فرق وجمهور لعبة كرة القدم العربية؛ سواءً اللاعبين النجوم كأساس الاثارة فيها ، او حتى جماهير المنفعلين بها موسميا وفي نتائج فرقها عن مزاجهم الانفعالي العام وغير المنضبط غالبا.
(2)
اقول ومن منظور علم اجتماع الرياضة ؛ لا يمكن عزل مسيرتهما “المنتخبات والجمهور المنفعل” عن طبيعة وتأثير كل من:-
أ – الجذور النفس اجتماعية لنوعية وانماط التنشىئة الاجتماعية التي تشربها اللاعبون وداعيميهم قبلا ، اي منذ طفولتهما حتى التحاقهم كبارا بفرق وجمهور كتلي مؤيد للاعبي اندية ومنتخبات كرة القدم في مجتمعاتهم العربية النامية .
ب- عن بنية مجتمعاتنا القبلية الكامنة، وغير المؤسسية للآن بالمعنى التنظيمي، والقانوني العادل والضابط لسلوكيات الرياضيين ومتابعيهم كمواطنيين متساوون امام القانون بعيدا عن خلفياتهم المناطقية او الجهوية كما يُفترض، فهي كأنماط تنشيئية لا تعزز الحوار بالمجمل ، بل تؤثر وبعمق على فهمنا وسلوكياتنا الجمعية لاحقا عن مضامين الرياضة الهادفة الى ترويض النزوع العدواني الفطري الذي جبل عليه الانسان غريزيا”غريزة الدفاع عن النوع والمقتنيات الخاصة به” ، فتنشئتنا العربية وهي علميا – جذر قيمنا التي توجه العصبية في سلوكاتنا العنيفة نحو الفرق المتبارية معنا – هي ذات جذور صحراوية حادة الطباع ومتقلبة المزاج ، مثلما هي قيم بدوية عصبية تؤمن بالمغالبة دائما “الفوز خاوه، والاقصاء العنيف للمقابل، اضربه انت قبل ما يضربك” وليس بقيم التنافس الرياضي السلمي والموقعي الواجب سيادتها بحدود الاداء الرياضي التخطيطي والمهاري فقط بين اي منتخبين عربيين .
(3)
اننا تاريخيا؛ وعبر الاجيال لا نؤمن فكرا وممارسات كعرب بحكم قيمنا وانماط تنشئتنا القاسية، لا نؤمن او نتقن مهارات الوسطية في وقائع حياتنا؛ او ما يُعرف سياسيا ب ” التوافق- الحل السلمي الوسط ” بحكم قيمنا الصراعية الدامية، سواء الكامنة منها اوالمغالبة في الرياضة ، وكذا الحال في السياسية العربية ايضا وما الحروب القبلية المسلحة بيننا الا دليلا مضاف على ما ذهبت الى تشخيصه كجزء مغالب من بنية الشخصية العربية ، فنحن لم نتعلم منذ طفولتنا كعرب في مؤسساتنا التربوية والدينية كالمساجد والكنائس او عبر القادة العشائرين، وحتى عبر الاعلام بانواعه غالبا، ان هناك شعوبا واتحادات رياضية عالمية اخرى على وجه هذه الارض، لديها ثقافات وسلوكيات مؤسسية مدنية جديرة بالاقتداء بها في المجتمعات والدول الغربية مثلا؛ ويمكنها ان تُعلمنا ونتعلم منها في آن ، كيف نعدل من انماط تفكيرنا وسلوكياتنا الرياضية المنغلقة، والخشنة، بحكم جذورها العصبية ؛ تماما مثلما هو عدم او حتى صعوبة ايماننا بامكانية أن يفوز كلانا كمتقابلين في رياضة كرة القدم مثلا، او ان كل منا قد فاز ضمنت بتثاقفه مع المقابل، دون تخوين، او تشهير ببعضنا ،او اطلاق اي منا لهتافات بذيئة، او رسومات شوهاء تتنافى مع قِيم وفلسفة الرياضة التنافسية الحقيقية،لأنها بالاصل ضد المضامين الصراعية تحديدا، بدليل استمرار تبنينا لموقف ومقولة “يا بخذوه كله يا بتركه كله” وهذه العقلية الكتلية الصادمة، وهي ما افقدتنا اهتمامنا وقدراتنا بالتالي على التركيز في بناء الاداء العلمي الهادىء والرزين في مقابلاتنا الكروية، مع اهمية ابقاءها بحدودها التنافسية فقط، كما الحال في بقية العالم الغربي المتقدم الذي انتج لنا جميعا لعبة كرة القدم، وهي الوافدة علينا منذ قرون لانها بالاصل ليست من صنعنا تاريخيا .
(4)
من المؤسف حقا؛ اننا كعرب مازلنا نُحمل ونمارس كمتقابلين في مباريات كرة القدم “التنافسية كما يفترض” بحكم ثقافتنا غير المُختمرة حضاريا، معاني وتعابير الثارات، او حتى التشهير بخصوصيات وسِمات الشعوب العربية الشقيقة ، او حتى اصرار جُلنا على الانتقاص فكرا وافعال متنوعة الدلالات، من مكانة وانجازات او ثقافة وتراث، او حتى الاطعمة والاغاني الشعبية لفرق البلدان”الشقيقة” المقابلة لنا تحديدا في بطولات كرة القدم، بدليل ان معظم صراعاتنا الرياضية البينية كعرب تخرج عن المضامين التنافسية لكرة القدم اي بحدود المستطيل الاخضر بفضل اندفاع وتسيّد كتل الدهماء على المشهد التنافسي/الصراعي لهذه الرياضة الاكثر جماهيرية ، والتي غالبا ما تُحمِل الجماهير ،افكارها وسلوكياتها الغريزية العنيفة ، وغير المنضبطة غالبا، عبر اساءة استخدامها لادوات ومضامين الرسائل اللغوية والبصرية المتبادلة و المسيئة عبر ادوات التواصل الاعلامي والاجتماعي المباشر ، والتي وفرتها التكنولوجيا الغربية المنشأ كما هو الحال في اختراع وتصدير كرة القدم لنا من الغرب ايضا.
اخيرا..
لا اعلم لماذا يُصر جُلنا على إساءة استخدامهما”كرة القد، ادوات التواصل التكنولوجي” رغم ارتفاع نسب التعليم في بلداننا العربية.

  • قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى