قوننة مواقع التواصل الاجتماعي / عارف عواد الهلال

قوننة مواقع التواصل الاجتماعي

عندما تفكر الحكومة بالتضييق على الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال مصطلح “القوننة”، فإن التفكير يتجه إلى تكميم الأفواه التي خلقت صارخة، وقمع الحريات التي خلقت مصانة، وقطع الألسن التي خلقت ناطقة، وهي ألسنة حق، تقول بما تخشى على أنفسها، ولحماية حقوقها، والذود عن أعراضها مع غياب إعلام الدولة الذي يأتي أقل من طموح أبنائها في زمن سباق وتطور الإعلام العالمي عبر الفضائيات التي لا تحصى، في الوقت الذي لا زال إعلام دولتنا يراوح مكانه وعلى استحياء هو يعلم أنه ليس حياء الوقار، بل من قلة الجرأة، وعدم امتلاك الشجاعة لقول الحقيقة التي لا تصدم المواطن كما يظن، إنما تزيده ثقة بدولته، وانتماءً لوطنه ليكون إلى جانب الحكومة في مواقفها، لا في موضع الناقم عليها، المشكك بكل ما تقول.
المواطن الذي يلجأ إلى النشر على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، لا يختلق الخبر من تلقاء نفسه، ولا يجتر القول رغبة بالاجترار، بل يقرأ، أو يسمع، أو يشاهد من وسائل إعلام نشرت وبثت وقالت، وهو يتمنى حقا لو لم يكن ما نشر صحيحا، إلا أن قوابل الأيام أثبتت أن ما تناقلته تلك الوسائل هو ما كان قد حصل، فصار مصدقا لما يأتي من الخارج مع غياب ما يأتي من الداخل، فهنالك أحداث قريبة الزمن لا تنكر الحكومة صمتها الإعلامي حيالها مع مساسها بالوطن، فكان المواطن يلتقط أخبارها من محطات فضائية من خارج حدود الوطن خشية منه على هذا الوطن، وليس شغفا بترديد “الإشاعات”.
المواطن الذي نخر جسده الفساد، وأعياه الفقر، وزاد من قلقه الهاجس الأمني الذي يصعق في كل حدب وصوب من هذا العالم المضطرب، يحق له أن يدافع عن حقه من المتطاولين على حقوقه، ويحق له أن يخشى على نفسه من أيدي العابثين بوطنه، ويحق له أن يسعى إلى الأمن على النفس والعرض ممن يتربصون به وبوطنه.
إن أرادت الحكومة أن تذهب باجتهادها في قوننة مواقع التواصل الاجتماعي، فعليها أن تفتح الآفاق أمام وسائل الإعلام لتصل إلى المواطن بلا قيود لينطق بما يجد في نفسه، كي يصل صوته المختنق، وألمه المكبوت، ومخاوفه الكامنة… بعدها فلتفعل الحكومة ما بدا لها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى