قنابل للإقناع: هل ترضخ إيران بضربة وتستكين إسرائيل بخدعة

#قنابل_للإقناع: هل ترضخ #إيران بضربة وتستكين #إسرائيل بخدعة
بقلم د #هشام_عوكل – أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية


في يونيو 2025 وفي ذروة التصعيد الإقليمي المختلط بين الدبلوماسية والبارود اختارت الولايات المتحدة الأمريكية إرسال رسائلها السياسية على هيئة صواريخ موجهة نحو مفاعلات إيرانية يُعتقد أنها تشكل تهديداً نووياً واضحاً وجهت ثلاث ضربات جوية استهدفت” نطنز” وفوردو” وأراك” بدت الضربات في ظاهرها رداً محدوداً لكنها حملت في عمقها رسالة أكبر رسالة تقول اجلسوا قبل أن نُجبركم على الجلوس
٫
صور الأقمار الصناعية لم تُظهر دماراً كاملاً بل رحيل مشروع كانت شُحناته تتنقل بسرية والأجهزة تتوارى تحت الأرض المشروع النووي الإيراني لم يُقتل بل تغيّر شكله وتحوّل إلى شبح جديد يسكن الجبال ويبتعد عن كل رصد مباشر
روسيا والصين لم تُدينا ولم تتحركا ولم ترفع إحداهما إصبع اعتراض وكأنهما تراقبان عن بعد أمريكا تركض في حقل ألغام كما تورطت روسيا في مستنقع أوكرانيا تسكت الصين لعل أمريكا تنزف أكثر في الجبهة الإيرانية بينما موسكو تشعل النار في أوروبا وواشنطن تلهث خلف شبح اليورانيوم في جبال فارس
في إسرائيل، استغل نتنياهو الضربة الأمريكية لتخفيف ضغط الشارع، مما أدى إلى انخفاض المظاهرات وتحول النقاش من أزمة الرهائن في غزة إلى الملف النووي الإيراني، مع تبدل التصورات بأن الصاروخ الأمريكي جاء لإنقاذ الحكومة الإسرائيلية من أزمة داخلية بدلاً من إيقاف البرنامج النووي الإيراني. أما حماس، فاختفت من الأنظار، وتركزت الأنظار على إيران التي أصبحت العدو الأهم والأكثر حضوراً في العناوين، بينما تراجعت قضية غزة ومعاناة سكانها.
الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب وعد الإيرانيين بأسبوعين لتقييم الموقف فإذا بالصواريخ تُطلق في اليوم ذاته منح مهلة مدتها ستين يوماً فإذا بإسرائيل تنفذ الضربة في اليوم التالي أعلن أن الحرب في غزة ستنتهي في غضون أيام فإذا بالغزاوي لا يزال يُدفن وهو يبحث عن ربطة خبز جاف ترامب لا يُقاتل بالاستراتيجية بل بالتغريدات لا يُفاوض بالقيم بل بالتوقيتات لا يقرأ تقارير الاستخبارات بل يقتبس من نشرات المساء
لكن ماذا لو حصل تسرب نووي في مفاعل من المفاعلات الإيرانية ماذا لو قامت إيران بضرب مفاعل” ديمونا” اسرائيلي في قلب صحراء النقب ماذا لو استيقظ العالم على انبعاث إشعاعي يطير فوق البحر المتوسط ويعانق شواطئ أوروبا الجنوبية هل سيدرك ترامب حينها أن السلاح النووي ليس أداة هجوم بل جرس إنذار شامل هل سيدرك العالم أن اللعب باليورانيوم كمن يلعب بالجنون وسط محطة وقود مغلقة بالأكاذيب
هذا الواقع يُعيد للأذهان مقولة “ونستون تشرشل” الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى لكن في زمن ترامب الحرب هي أداة انتخابية وصوت دعائي وجزء من حملة إعلانية تمتد من المنابر إلى المدافع
نهاية هذا المشهد لا تزال ضبابية هل نحن أمام تفكيك لمشروع أم بداية لصياغة مشروع نووي جديد تحت الأرض وتحت الطاولة كل السيناريوهات مفتوحة وكل الأبواب تؤدي إلى طرق وعرة
قال غاندي القوة لا تأتي من القدرة الجسدية بل من الإرادة التي لا تُقهر لكن يبدو أن قوة هذا العصر تأتي من الطائرات المسيرة والقرارات المتسرعة والخدع الاستراتيجية
زاوية حادة تسأل
إذا كانت الحضارة تُقاس بعدد الرؤوس النووية وعدد اللاجئين وعدد الأكاذيب الرسمية فهل ما زال يحق لنا أن نُسمي هذا عالماً بشرياً وماذا عن التهديدات الإيرانية بإغلاق” مضيق هرمز”
وهل نحن على أعتاب تحول بحري استراتيجي يخلط خرائط الطاقة والتجارة وما معنى الحديث عن انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي
وهل هذا تمهيد للتخلي عن الضوابط القانونية الدولية ولماذا لم يُصدر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أي بيان حتى اللحظة حول الرد الرسمي على الطائرات التي هاجمت المفاعلات
ولماذا لم تستخدم إيران بعد صواريخ “قوم شهر” واكتفت بصواريخ” خيبر “هل هذا لسبب تكتيكي أم هناك استراتيجية أكثر تعقيداً تنتظر لحظة الإشارة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى