#قمم
المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة
اختتمت يوم الأثنين 10/11/2024 القمة العربية الإسلامية اجتماعها الطاريء الذي عقد في الرياض وأصدرت بيانها الختامي الذي تضمن الكثير من المطالب المحقة لحقوق الشعب العربي الفلسطيني ، هذه المطالب من حيث النصوص اللغوية والإنشائية تُعتبر مطالب قوية مُرضية للشعوب العربية ، لكنها تفتقر لآليات المتابعة والتنفيذ – باختصاركلنا نعلم جيداً أنها كسابقاتها من بيانات قمم الاستهبال العربي والإسلامي وآخرها قمة الرياض أيضاً التي عقدت بتاريخ 11/11/2023 والتي لم ينفذ من قراراتها بند واحد ! وخلال عام مرَّ بين القمتين وأمام أنظار من جلسوا في نفس المكان وعلى نفس المقاعد من الحكام العرب والمسلمين استشهد وجرح ما لا يقل عن مئتي ألف عربي جُلُّهم من الأطفال والنساء والشيوخ في كل من لبنان وغزة ، ودمِّرت البُنى التحتية والمباني وحوصر وجوِّع وعُطِّش 2,5 مليون إنسان في غزة ولم يحرك أي من المجتمعين ساكناً باستثناء قلة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة ! فهل هناك عاقل سيثق بقراراتكم ؟!
هناك مثل يقول ” إن عرفت عدوك… انتصرت ” ، الشعوب العربية وخلال 76 عاماً الماضية منذ غُرس هذا الكيان العنصري في رحم الجغرافيا العربية وفي أطهر بقاعها عام 1948 عرفت نصف أعدائها المتمثلين برعاة المشروع الصهيوني أمريكا وبريطانيا وبقية دول الغرب الاستعماري ، لكن النصف الثاني الأخطر بقي متخفياً وأن لم يخفى عن الجميع ، هذا النصف هو من أوصل أمتنا العربية والإسلامية إلى هذا الانحطاط عبر رعايته ومشاركته في محطات تاريخية فاصلة أهمها الثورة النفطية وتوظيف عائداتها للتصدي لحركات التحرر العربي ومشاريعها القومية ، اتفاقية كامب ديفيد وخروج مصر من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي ، الجهاد العربي الإسلامي المقدس في إفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي ، الحرب العراقية الإيرانية ، الاحتلال العراقي للكويت واستباحة حلف الناتو للجغرافيا العربية ، اتفاقية أوسلو ووادي عربة ،الاحتلال الأمريكي والغربي للعراق وتدمير جيشه ، غزو التنظيمات الإرهابية الإسلامية وحروبها في كل من الجزائر وليبيا وسوريا ، الربيع العربي ، 76 عاما سُرقت من الشعوب العربية بحجة التصدي ومحاربة الكيان الصهيوني ، لكن في حقيقة الأمر إن الدفاع عن فلسطين لم يكن يوماً على جدول أعمال غالبيتهم إلا على الورق والخطابات الإعلامية كحال القمم العربية وآخرها قمة الأمس – عام كامل من التوحش والإجرام والإبادة والإرهاب الصهيوأمريكي في غزة وفلسطين ولبنان ولا غوث ولا نجدة ، القدس تُدنَّس على مدار الساعة ولا ناصر لهأ ! عن ايِّ خطوطٍ حمراءَ تتحدثون ؟!
قد لا نثق بكل ما كُتب ويُكتب وقيل ويُقال من تآمر وتواطؤ وتحالف غالبية أنظمة الحكم العربية والأسلامية مع الكيان الصهيوني وآخره ما نشره الكاتب الامريكي الشهير “بوب وود وورد ” في كتابه ” الحرب ” وطلبهم من وزير خارجية أمريكا ” بلينكن” تصفية حماس وحركات المقاومة ولكن كيف لنا أن لا نثق بأعيننا ونحن نشاهد الدعم العربي الإسلامي اللوجستي البري والبحري والجوي للكيان الصهيوني بعدما حوصر في البحر الأحمر ، بماذا نفسر مرور البوارج الحربية الصهيونية وهي ترفع العلم المصري بجانب علمها وتمخر في المياه الأقليمية المصرية وقناة السويس ، كيف نفهم رفرفة الأعلام الإسرائيلية في العواصم العربية في الوقت الذي فيه دول أجنبية وغير إسلامية اغلقت السفارات الإسرائيلية وقطعت علاقاتها معها ومزّقت وأحرقت وداست أعلامها في الشوارع .
من المضحك والمبكي في آن واحد أنّ إسرائيل حضرت المؤتمر عبر وكلائها وشركائها وحلفائها كما يسميهم “نتن ياهو” ، وأنّ قوى المقاومة التي تدافع عن شرف الأمتين العربية والإسلامية غائبة عنه ، هل يُعقل أن تشارك سلطة أوسلو – سلطة التنسيق الأمني ويغيب عنها قادة المقاومة ، هذه السلطة التي منحت الكيان صك تنازل فلسطيني عن أي إمكانية في تحرير الأراضي المحتلة واختزلت معاهدات السلام فعلياً وميدانياً إلى مسار متابعة الاستيطان وابتلاع ما تبقى من فلسطين نظراً إلى عدم جدية الطرف الصهيوني في المفاوضات التطبيقية للاتفاق والتنازلات المتتالية لسلطة أوسلو ، هل يعقل أن يمثل اليمن في القمة رواد الفنادق اليمنيين الذين لم يطأوا أرض اليمن منذ سنوات ويغيب عنها من يحاصر الكيان الصهيوني في البحر الأحمر ويقصف الكيان كلما تمكن من ذلك ! هل يعقل أن يغيب حزب الله الذي سطّر أروع البطولات والإنجازات العسكرية وأوقع أفدح الخسائر العسكرية والاقتصادية بالكيان الصهيوني عن هذا المؤتمر ؟!
علينا أن لا نستغرب حضور إسرائيل وغياب قوى المقاومة إن ما ادركنا أن غالبية أنظمة حكم الدول المشاركة وخاصة العربية منها لا تمثل شعوبها وأنما تحكمهم بقوانين الطواريء والعصي الأمنية ، هذه الأنظمة التي فشلت في تحقيق التنمية وقوضت مفهوم المواطنة ونجحت في بناء مؤسساتها وأجهزتها الأمنية وأبدعت في قهر واضطهاد شعوبها ، ونجحت في نشر وتسويق البذاءة والتفاهة وشراء الذمم ونشر الفساد في مفاصل الدول والمجتمعات وأجّجت التناقضات المذهبية والعرقية والطائفية ، هذه الانظمة هي من أوصلتنا إلى مثل هذه الحالة من الفشل الذريع في بناء الوحدة والتلاحم والتكامل بين العرب لصدّ الأطماع الخارجية والدفاع عن شرفنا وكرامتنا، وفشلت حتى في بناء الدول القطرية وتأمين تماسكها الداخلي، وفشلت في تحقيق التنمية والازدهار وتوطين العلم والتكنولوجيا والصناعة فيها لتصبح مجتمعات منتجة تؤمّن فرص العمل والتشغيل والعدالة الاجتماعية ، كل هذا لم يحدث عبثاً وإنّما خُطّط له بعناية ونفّذ وينفّذ خدمة للمشروع الصهيوني ، لكي ننهض وننتصر ونتحرر علينا أولاً وآخراً معرفة وتحديد النصف الآخر من أعداؤنا !!!